لا شيء يستدعي كل هذه الضجة.. فالقرية الكبيرة «تعز» كما هي.. غارقة في الحديث بعيداً عن العمل. حتى الذين آنسوا ناراً فتجمدوا في الصقيع لم تُكتب لهم حسنة واحدة إلا في زيادة دخل مطابع الورق وكمية الحبر المُسالة المتوازية مع زيادة الأسرّة في مستشفيات الاستثمار لدماء الشباب وعويل المؤلفة جيوبهم.. وما تبقّى من أرصفة تناثر عليها الأحمر من عروق الشباب بعيداً عن الأحمر من عقول المرتزقة.. والعشوائي من عناد اليسار والإيديولوجيات الفارعة في ثرثرتها والفارغة في مضمون وجودها الحقيقي. الحالمة تعز - بعيداً عن الحالة العاطفية لعاشقٍ مثلي لعبقها الروحيّ وبعيداً عن السطور الإنشائية – ليست سوى أضحية لعيدٍ لم يكن.. ولم يأتِ بعد. تعز المكان عبث ممنهج مازال كما هو.. ولا جديد فيه سوى أن نافذة المرمى الخلفيّ تحولّت بقدرة متفرعنين إلى الواجهة الأمامية للنيل من الماضين في سبات أحلامهم. تعز الزمان تغرق في الحالة المكررة والتقليدية لمدن الساحل.. بعيداً عن أضواء القلعة في الليل البهيم.. والغرف البائسة في فندقٍ مترهّل بحجم خيبة ضيوفه وهو العاجز عن مواكبة الحياة.. يتوسّط باعة شاردين في العتمة واللاشيء من حركةٍ مزدوجة نحو جحيم الصيف.. وبؤس الانتظار. التهجير قادم كحالةٍ ممنهجة.. ليس بالضرورة أن يكون فردياً أو جماعياً لنفوسٍ مشرئبّة للنجاة أو المدنيّة الجريحة في مهدها بشخص المحافظ المغضوب عليه من جماعة «الواي فاي» المنعدم واقعاً والمتواجد بكثافة القيل والقال وثقافة الأجندة الخفية المُعلنة على الشبكة اللعينة وهي تدير كؤوس الكلام المكرور والإحباط القاتل.. ولكنه تهجير عقول وآمال.. وتهيئة فواجع لم تكن بالحسبان . الحديث عن تعز كمدينة متبوعة يجانب الصواب في ظلّ هذا الزيف المتصاعد للمؤلفة قلوبهم وجيوبهم.. لكنها تبقى حالة استثنائية في جمال حضورها الإنساني وإن كان يشوبه الكثير من الوجع المرئيّ والمسموع.. وحالة استثنائية من القامة الشاهقة لتأريخٍ يحفر ظله فقط لا أكثر في هذا الحاضر الكئيب. كما أنها في زمن المحافظ “شوقي”.. هي تلك الحبيبة التي تحتفظ بعاشقها في غرفة المقيل بعيداً عن حضوره عرسها الكسيح.. حذراً من فجيعةٍ طائشة تجتثّ حلمها فيه.. واجتراراً لموعد شفقة من غزاةٍ متجددين يرفلون في متعة الأجندة الطافحة بالوبال. لا جديد في تعز.. فكلّ هذه الضجّة حول شخص محافظها هي نتيجة بديهية للقلق الجمعيّ لأفرادٍ بؤساء يشعر الواحد منهم أنه أمّة تمشي على المكان والزمان ومخيلة البسطاء.. بينما الضعفاء هم أولئك المنتدبون دوماً لكل طارئٍ همجيّ بعيداً عن ركض الأرصدة المتصاعدة في بنوك العطاء الحزبيّ.. والشعوذة السياسية.. وهرطقات المدّ والمدّ الآخر بعيداً عن فُسحة الكلام الموروثة لا المصنوعة من حُرقة الشباب المُصفّدين في سلاسل الدعم المشروط. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك