إعلان البنك المركزي عن انخفاض قيمة الاحتياط من النقد الأجنبي الى أربعة مليارات و54 مليون دولار بعد أن كان قد حافظ على سقف ستة مليارات دولار طيلة السنوات الماضية جاء بمثابة مؤشر خطير يدلنا على ما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية تحديداً من احتمالات التدهور، خاصة أن المبلغ أعلاه لا يكاد يغطي احتياجات اليمن من السلع لمدة ستة أشهر على أبعد تقدير. ومن الغرابة أن أحداً حتى الآن لم ينبس ببنت شفة تجاه هذا المؤشر الخطير، خاصة أن البعض لا يزال يتملص عن الوفاء باستحقاقات الحوار، باعتباره المخرج الآمن لكل معضلات اليمن، بما في ذلك المعضلة الاقتصادية ،بل الأدهى من كل ذلك أن تتبادل الأطراف السياسية التهم يسرة ويمنة وتتبارى في اشكالية الأزمة دون أن تكلف نفسها حتى عناء البحث عن مخارج آمنة لها أو على الأقل التوقف عند الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم رويداً رويداً وذلك بالتشخيص والتمحيص لمعرفة مفرداتها والبحث عن آليات لمعالجتها. إن الأعباء المتزايدة التي تثقل كاهل حكومة الوفاق الوطني خاصة لجهة الوفاء بالتزامات المرحلة الانتقالية تأتي في طليعة مفردات تفاقم الأزمة الاقتصادية فضلاً عن تغطية الاحتياجات المتزايدة للمجتمع والأعباء غير المنظورة -وهي كثيرة - لتغطية التزامات حروب الداخل بالإضافة الى تبعات مشكلة اللاجئين من دول القرن الأفريقي وغيرها من الأزمات الداخلية المتشعبة والعويصة. وللأسف الشديد فإن الحكومة كانت ولا تزال تعول كثيراً على أداء المانحين والوفاء بالتزاماتهم في مؤتمري الرياض ونيويورك، غير أن تلك الوعود -كما يبدو- قد تبخرت وذهبت أدراج الرياح باستثناء وفاء البعض بالنزر اليسير منها.. وهو ما يتطلب ضرورة الإسراع للوفاء بهذه الالتزامات لتغطية الاحتياجات الأساسية والوفاء بشرط استحقاقات هذه المرحلة المهمة من تاريخ اليمن المعاصر. أما وقد دق ناقوس الخطر على مسامعنا بمثل هذه التحذيرات ذات الصلة بتآكل الاحتياط النقدي من العملات الصعبة جراء شحة انسيابية الموارد الخارجية والإنفاق العشوائي والعبثي فضلاً عن تلبية الاحتياجات الملحة والمتزايدة للسكان، فإن الأمر يبدو جدياً ولا يقبل سياسة المكابرة بل يتطلب قدراً كبيراً من الاحساس بالمسئولية في التعاطي مع هذه المستجدات. في اعتقادي المتواضع إن من يتحمل الجزء الكبير من مسئولية التغلب على هذه الاشكالية هي حكومة الوفاق التي يقع عليها واجب تفعيل أدواتها ووسائلها للحصول على كامل التعهدات المالية من المانحين فضلاً عن مسؤولية النخب السياسية على امتداد الساحة الوطنية المضي بفاعلية في إنجاز ملامح المشروع الوطني وفقاً للمبادرة الخليجية المزمنة.. وفي طليعة تلك المهام مواصلة مسيرة الحوار الوطني وعلى النحو الذي يفضي الى قيام الدولة اليمنية التي تضمن كفالة إنقاذ الوطن من حافة الهاوية في اتجاه صياغة المستقبل الآمن لكل اليمنيين دون استثناء. رابط المقال على الفيس بوك