•انطلقت يوم أمس فعاليات أسبوع المرور لهذا العام باحتفال خطابي سيكون مقروناً كما جرت العادة بالإعلان عن تنفيذ حملة مرورية واسعة النطاق تشمل أغلب الشوارع الرئيسية للمدن وتعليق اللافتات الإرشادية وافتتاح معرض للصور وبضع محاضرات توعوية هنا وهناك.. وهو ما يجعلنا نتساءل عن جدوى الاستمرار في إقامة مثل هذه الأسابيع المرورية التي دأبنا على تنظيمها سنوياً وما هي الفوائد التي جنيناها منها؟! • للأسف لم نجنِ منها شيئاً ولم تحدث أي فرق على أرض الواقع، فلا استطاعت إرساء ثقافة مرورية ولا استطاعت توعية المجتمع بالاستخدام الصحيح والآمن للطريق، حيث لا يزال الوعي المروري متدنياً جداً والحوادث المرورية على حالها إن لم تكن في تصاعد، حتى الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحوادث لا تزال هي نفسها، وهو ما يجعلنا على يقين بأن أسبوع المرور هذا العام لن يشذ عن سابقيه أو يحقق شيئاً يذكر في معالجة المشاكل المرورية التي تعانيها جُل المدن اليمنية أو حتى يعمل على التخفيف منها. • في كل عام نأمل خيراً من أسابيع المرور، لكننا نكتشف أن آمالنا أشبه ب«عشم إبليس في الجنة»، فرغم كل أسابيع المرور التي أقمناها لا نزال أسوأ من يستخدم الشارع على مستوى العالم، وينطبق هذا الأمر على الجميع، سواء الراجلين أو السائقين، الكل يسيئون استخدام الشارع والسبب غياب الثقافة المرورية وغياب أساليب العقاب والردع الزجرية، وبالتالي فإن أسبوع المرور وكما جرت العادة كل عام لن يخرج عن كونه مناسبة احتفالية لا أكثر ولا أقل وبمجرد أن “ تُعطف” فعالياته المتنوعة تعود الأمور إلى ما كانت عليه وكأن شيئاً لم يكن. • يجب الاعتراف بأن معالجة مشكلة الفوضى المرورية التي تطبع أغلب مدننا اليمنية تتطلب ما هو أكثر من فعاليات وإجراءات أسبوع المرور الموسمية التي يتلاشى مفعولها بمجرد انتهاء أيام أسبوع المرور، حيث تتطلب في المقام الأول إنفاذ القانون واللوائح المنظمة لحركة السير وحضور أساليب العقاب والردع الزجرية، ونحن هنا لا نقلل من أهمية الفعاليات التثقيفية وضرورتها في خلق ثقافة ووعي مروري، إلا أن ذلك يجب أن يتسم بالاستمرارية وأن يترافق مع تفعيل الإجراءات الرادعة التي تفرض الاستخدام الصحيح والآمن للشارع، فمن لم يحترم نفسه ويتعامل مع الشارع بذوق وأخلاق وسلوك حضاري اختيارياً يتم إجباره بقوة القانون واللوائح. • أغلب الشوارع في المدن اليمنية تئن تحت وطأة الاستخدامات الفوضوية التي يمارسها الكل، سواء سائقي السيارات أو الدراجات وحتى الراجلين، فهناك الوقوف العشوائي للمركبات وعدم تطبيق نظام موحد لوقوفها على جنبات الشوارع، وأيضاً تفاقم مشكلة “عكس الاتجاه” التي تحولت إلى ظاهرة عامة يمارسها أصحاب مختلف أنواع المركبات دون مبالاة بقواعد المرور أو خوف من رجال المرور الذين وإن تواجدوا لا يفعلون شيئاً للحد منها، وأيضاً تراخي رجال المرور عن القيام بمهامهم في تنظيم حركة السير، بل إنهم يسهمون بشكل أو بآخر في عرقلتها وزيادة الازدحام بدلاً من فضه والعمل على انسيابية الحركة المرورية، الراجلون أيضاً هم أحد أسباب ازدحام الشوارع والفوضى المرورية بسيرهم وسط الشوارع وعدم استخدامهم للرصيف في المشي. • هذه هي بعض أسباب الفوضى المرورية الحاصلة في المدن اليمنية ومعالجتها تتمثل في أن يكون الالتزام بقواعد المرور طوال العام وليس في أسبوع فقط، أما أسابيع المرور فهي في واقع الأمر ليست سوى احتفالات خطابية ومهرجانية لم نجنِ منها أية فائدة في معالجة المشاكل المرورية التي تعانيها المدن اليمنية ولم تحدث أي فرق على أرض الواقع وهو ما يجعل استمرار فعالياتها التثقيفية والتوعوية غير ذات جدوى وأشبه ب «النفخ في قربة مخرومة». [email protected] رابط المقال على الفيس بوك