• الأوضاع المتأزمة التي مرت بها بلادنا مؤخراً ساهمت إلى حد كبير في تفشي الكثير من الاختلالات وبروز عدد من السلوكيات والمظاهر السلبية بسبب غياب الدولة وأجهزتها المعنية في الكثير من المناطق وعدم قيامها بممارسة مهامها.. فتعزالمدينة مثلاً تشهد هذه الأيام عدداً من هذه المظاهر التي لم تكن مألوفة سابقاً فيها، مثل الانفلات الأمني وغياب النظافة وفوضى الشوارع وغيرها من المظاهر التي تلقي بظلالها الكئيبة على تعز الأنموذج الأروع في التمدن والوعي والثقافة. • أكثر ما تعاني منه تعز هذه الأيام هو الانفلات الأمني غير المسبوق الذي تزايدت معه المظاهر المسلحة، وكأني بتعز تخلت عن طابعها المدني الذي يميزها وتحولت إلى مسرح للمسلحين الذين ينتشرون في شوارع المدينة وأحيائها، فقد أصبح مألوفاً أن نرى العديد من الأشخاص يسيرون في الشوارع سواء ليلاً أو نهاراً وهم يتمنطقون بالأسلحة النارية وهي المدينة التي كان أغلب مواطنيها لا يلبسون (الجنبية) ظناً منهم بأنها نوع من السلاح (الأبيض)، رغم أنها لباس تراثي يميز اليمنيين. • كما عادت أصوات الرصاص تلعلع من جديد في سماء المدينة، تمزق سكون ليلها وتعكر هدوءها ودعتها، حيث لا ننفك نسمع عن حادث هنا وآخر هناك وأغلبها بسبب خلافات شخصية، بل أصبح من المألوف أن تنتهي مشادة كلامية ولو كانت لأسباب تافهة بإشهار المتعاركين الأسلحة النارية في وجه بعضهما، والمشكلة أن الجهات المعنية على دراية بكل هذا لكنها لا تحرك ساكناً ولا تقوم بدورها في الحفاظ على الأمن. • أما المشكلة الثانية التي تعانيها تعز فهي الفوضى والازدحام الذي يخيم على شوارع المدينة مع تفاقم الاستخدامات الفوضوية والعشوائية من قبل البعض لشوارع المدينة الضيقة أصلاً والتي أصبحت معها أكثر ضيقاً، وتعاني اختناقات مرورية دائمة، حيث نجد ازدحاماً شديداً للمركبات، وبسطات وعربيات (باعة مُفرشين) اكتسحت أغلب شوارع المدينة وحولتها إلى ما يشبه ممرات ضيقة بالكاد تتسع لمرور المركبات والراجلين، وأيضاً أفراد مرور يزيدون الحركة بطئاً وازدحاماً بدلاً من العمل على انسيابيتها، بل لا نبالغ إن قلنا إنه أينما يقف رجال المرور نجد الازدحام على أشده كما هو الحال في الجولات والتقاطعات، وكأن العلاقة بين رجال المرور والازدحام علاقة طردية، فحيث يتواجدون يكثر الازدحام وإن كان المفروض أن تكون علاقة عكسية بحيث يقل الازدحام في أماكن تواجدهم. • أيضاً أصبحت الشوارع الفرعية الضيقة ذات الاتجاه الواحد تستخدم في اتجاهين، وإن كانت هذه الظاهرة قد وجدت سابقاً من قبل أصحاب الدراجات النارية وفي بعض الشوارع إلا أنها الآن أصبحت ظاهرة عامة يمارسها أصحاب مختلف أنواع المركبات دون مبالاة بقواعد المرور أو خوف من رجال المرور الذين وإن تواجدوا في بعض هذه الأماكن إلا أنهم لا يفعلون شيئاً للحد منها، على أن القضية هنا ليست قواعد وأنظمة سير فقط بل أيضاً ضعف في الوعي والثقافة المرورية وغياب التعامل بذوق وأخلاق وسلوك حضاري مع الشارع لدى الغالبية العظمى من أبناء مجتمعنا للأسف، فجميعهم سواء الراجلين أو السائقين يسيئون استخدام الشارع وتغيب لديهم الثقافة المرورية كما تغيب أساليب العقاب والردع الزجرية التي تفرض الاستخدام الصحيح والآمن للشارع. • أيضاً من المظاهر السيئة التي تعاني منها تعز وساكنوها تكدس القمامة بشكل غير مسبوق في شوارع المدينة وأحيائها، وقضية القمامة هي حكاية ذات فصول متعددة، ومشكلة متجددة، فما أن يمر على عودة عمال النظافة إلى مزاولة أعمالهم في رفع المخلفات يوم أو بضع أيام حتى تعود المشكلة من جديد وتعود معها القمائم إلى التكدس وافتراش شوارع المدينة وأحيائها.. وهي مشكلة طالما حذّر منها الكثيرون وطالبوا بإيجاد الحلول الناجعة لها, نظراً لما تمثله من تهديد صحي وبيئي خطير للمدينة وساكنيها، ورغم كل ذلك لا تزال المشكلة قائمة دون أن تجد طريقها للحل. • ما نتمناه هو أن تضع الجهات المعنية معالجات مناسبة لكل هذه الظواهر والممارسات المزعجة، صحيح أننا لا نتوقع منها معالجات جذرية ونهائية لهذه المشكلة لكننا نأمل منها اتخاذ إجراءات فورية على الأقل للتخفيف من حدتها. [email protected]