أخلاق القطيع لاتصنع الثورات، كما لاتقود الثورات إلى أخلاق القطيع. - ثقافة الفتاوى ووعي القبيلة كمثال أقرب - كذلك كل من يتشبث بجماعته المغلقة، لا يمكن أن تحركه العاطفة الوطنية اللائقة أصلاً. العاطفة الوطنية أساس التجانس والإبداع الوطنيين .. وكل ثورة بأخلاق قطيع، ليست ثورة، وإنما كذبة تدثرت بالثورة، غايتها إقصائية وتفضي إلى اتجاه مصلحي معين بعيداً عن المصلحة الوطنية العامة. الثورات الحقيقية نابعة من جذوة القرار الذاتي الجمعي حين يتسق وطنياً من اجل تعزيز التجانس الوطني لتؤدي بالضرورة إلى احترام التنوع والتعدد والشراكة والتسامح في إطار الأخلاق الوطنية الشاملة. والمؤكد أن من اكبر المخاطر التي تهدد أحلام الشعوب الحرة، سيطرة المجاميع المغلقة على مصيرها وباسم الثورة للأسف، وصولاً إلى استمرار نموذج الغلبة الحاكمة بحلة غاشمة جديدة بالطبع. فلقد ظلت أغلب الشعوب الثائرة على مدى التاريخ تكابد استمرار وعي السلطة الذي لم يتغير بسهولة، وتحديداً ظلت ثوراتها مطوقة من الداخل، بينما تجتر مآسيها فقط، جراء استلابات فظيعة من تلك النوعية الصادمة، تماماً كما يقول تاريخ انتفاضات وثورات الشعوب المترع بحالات درامية لعديد قوى قادت تمردات وحركات تحررية ضد حكام مستبدين، إلا أنها سرعان ما تفردت وألغت حقوق بقية قوى المجتمع من امتيازات الزمن الجديد المفترض، فضلاً عن انها قيدت حركته وتطلعاته الوطنية المثلى لتعمل على تأخير التقدم الذي من المفترض ان تصنعه الثورات بالضرورة داخل هذا السياق. بل لعل من ابرز خصائص مثل هذه القوى التي تتعدد أمثلتها في التاريخ والذاكرة عموماً أنها كانت تعطي انطباعاً مغشوشاً على انها كل المجتمع ولادولة بدونها، حتى صارت تمارس استحواذاً واستغلالا وهيمنة وترهيباً بمجرد وصولها للحكم، وليس انتهاء بترويجها لمزاعم أنها الضحية الكبرى التي يتم نكران تضحياتها ونكران جميلها على الدولة والمجتمع قبل الثورة وبعدها أيضاً. والشاهد للأسف أن أساليبها اللاوطنية الرجعية كانت تتماهى غالباً مع أساليب الجلاد القبيح نفسه وأحياناً تفوقت عليه كثيراً. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك