أستطيع القول بأن اليمن برغم ما فيها من ثروات ووسائل للعيش للبقاء فيها إلا أنها وبرغم كل ذلك تعتبر بيئة طاردة لأبنائها ودليل ذلك هو وجود الملايين من اليمنيين يعيشون في بلاد الاغتراب تراهم موزعين ومشتتين في كل أصقاع الأرض فما من قارة في هذا الكون الفسيح والمترامي الأطراف إلا وفيها من اليمنيين حتى أن البعض أراد أن يصيغ نكتة اغتراب اليمنيين بالقول حتى لو طلعنا إلى القمر لوجدنا اليمنيين فيه يبحثون عن عمل وهذا يعكس الصورة المرة التي يعيشها الإنسان اليمني وتؤكد أن اليمن أصبحت بيئة طاردة لأبنائها وهذه الأوضاع التي وصلنا إليها لها أسبابها ومبرراتها فالإنسان اليمني عندما يصل إلى الوضع الذي يكون فيه قادراً على العمل فإنه لا يجد مبتغاه في العيش الكريم فيظل تحت رحمة العوز والحاجة مستسلماً للفقر والجوع والمرض حينها يفكر في انتشال وضعه هذا فيهتدي إلى قرار الهجرة الذي لا رجعة عنه بالرغم من معرفته المسبقة بأن للغربة مرارة وعواقب وخيمة قد يدفعها ، لكن ما باليد حيلة فإما الاغتراب من أجل الحصول على عمل وتوفير لقمة عيش كريمة له ولمن يعول وإما البقاء داخل الوطن ينهشه الجوع والفقر ونظراً لوطأة هذه المشكلة على اليمنيين فإن الأدباء والشعراء من أبناء اليمن والذين عايشوا ولا زالوا يعايشون هذه المشكلة ومنهم من ذاق وعانى من الغربة ومرارتها وعكس معاناته على شكل قصص وقصائد شعرية كمل كان حال الشاعر والأديب الكبير محمد عبدالولي الذي عكس ما يعانيه المغترب على شكل قصص قصيرة مثلت الحقيقة والواقع للمغترب اليمني في مختلف مهاجره وتواجده ومن تلك القصص «يموتون غرباء»، ويموتون وقوفاً والأرض يا سلمى، لذا أقول بأن اليمني عانى ولا زال يعاني حتى اليوم قسوة الغربة وما يلاقيه من إهانات واستفزازات وأنعكس ذلك على حقوقه المبتزة ونظراً لعدم وجود الجهة التي تحميه وتطالب له بحقوقه فهو يستسلم لكل ما يلحق به من أذى طمعاً في البقاء في مهجره من أجل الحصول على لقمة عيشه ومن يعول والمعطيات اليوم تحكي هذا الواقع الذي يعيشه مغتربونا اليوم وما هو أمرّ هو تلك الصور التي نشاهدها على الحدود وآخر ما شاهدناه على إحدى القنوات الفضائية العربية هو محاولة أحد المواطنين اليمنيين عبور ذلك السياج الشائك والذي يمنع التسلل إلى داخل المملكة فقد علق ذلك المواطن بالأسلاك فلم يستطع أن يدخل ولم يستطع أن يعود وكانت هي المأساة بالفعل عندما تم القبض عليه ونحن هنا لا نلوم الأشقاء في المملكة فهذا شأنها لحماية أمنها ولكن اللوم هنا نصبه على حكومتنا التي لم تحرك ساكناً سوى جعجعة إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع ألا يكفي معاناة الآلاف من أبنائها وهنا لا نريد منها سوى أن تهيء بيئة جاذبة لعودة المغتربين من خلال التحرك في وضع الخطط الاقتصادية العاجلة والآجلة القادرة على استيعاب مئات الآلاف من العمالة المهاجرة، لدينا القدرة على فعل ذلك وهذه القدرة لها الأسس في النجاح من أهمها بناء الدولة المدنية الحديثة وبناء خطط اقتصادية علمية تستوعب القدرات في سوق العمل، ضرب بؤر الفساد باعتبارها من الأسباب التي أوصلت اليمن إلى هذا الوضع المأساوي، الاهتمام بالكفاءات ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، تشجيع القوى الشابة والجديدة التي لم تتلوث بالرشوة وتمتلك القدرة بالنهوض بالبلد إلى المستوى الأفضل وضع حد لنهب المال العام وترشيد الإنفاق إلا لما هو ضروري ويخدم اقتصاد البلاد كما أنه لنا كلمة لإخوتنا في المملكة ونقول كثر الله خيركم فقد عملتم معنا الكثير وشعبنا لن ينسى جميلكم لكن لا نريد الخاتمة كما نراها في بعض القنوات فأنتم أهلنا تجمعنا بكم وشائج القربى والدم. يا إخوتنا في المملكة نشاهد أفعالاً تبثها قنوات فضائية وهي صور حية ونحن متأكدون أنكم لم ترضون عنها حيث يفعلها البعض بقصد أو بغير ذلك إلا أنها تحرك الوجدان والضمير وتدمع لها العين ويقشعر لها البدن هناك البعض من اليمنيين يتعرضون للابتزاز والعنف وبكل قسوة وقد يكون مثل هؤلاء مخالفين للنظم والقوانين ولكن هناك أساليب فيها من الإنسانية ما يجب أن تكون ومن القوانين ما تجعل من السلطة اتخاذ أساليب غير ذلك والمواطن اليمني لم يصل إلى المملكة إلاّ وهو يدرك جيداً أنه بين أهله وذويه وأنه لم يصل إليها إلا لهدف شريف وهو ابتغاء فضل الله من هذه البلاد الطيبة التي أكرمها الله وميزها بالحرمين الشريفين وميزها بالخيرات والثروات ما يجعلها أهلاً لاستقبال أشقائها وجيرانها كما كانت ولاتزال. رابط المقال على الفيس بوك