• قضايا ومشاكل المغتربين اليمنيين في بلاد المهجر كثيرة ومتعددة ومتشعبة في كل الاتجاهات، حتى أصبحت هذه المعانات سمة ملازمة لأغلب مغتربينا في الخارج ولن تتوقف عجلتها عن الدوران طالما أن الجهات المعنية في الداخل والسفارات في الخارج لا تولي قضايا المغتربين ومشاكلهم أي اهتمام ولا تزال عاجزة عن القيام بواجباتها ودورها في حماية أبناء الوطن في بلدان الاغتراب، رغم الكم الكبير من الشكاوى التي تصل إليهم عن تعرض العديد من المغتربين لانتهاكات وسوء معاملة في دول الغربة إلا أنها لا تحرك ساكناً ولا تقوم بأي دور في الحفاظ على كرامة مواطنيها، وتتعامل مع كل ذلك ب “أذن من طين وأذن من عجين”! • دائماً ما يتحدث مسئولونا بمناسبة ومن غير مناسبة عن أن علاقات بلادنا مع معظم دول العالم إما علاقات أخوية متميزة ومتجذرة في أعماق التاريخ أو علاقات صداقة نموذجية... وهلم جراً من العبارات والأوصاف الرنانة، لكن كل هذه التصريحات حول “العلاقات الجيدة” لا نجد لها أي أثر على أرض الواقع ولا تتوافق بأي حال من الأحوال مع الأوضاع السيئة التي يرزح تحتها مغتربونا في هذه الدولة “الشقيقة” أو تلك الدولة “الصديقة”، فما يحدث هو عكس ذلك تماماً ولا يعبر ولو عن مثقال ذرة من الإخاء أو عن أبسط معاني الصداقة، ولا ندري كيف يمكن وصف مثل هذه العلاقات بالجيدة في الوقت الذي يتلقى المواطن اليمني سوء المعاملة ولا يحظى بأي تقدير واحترام. • كثرت الشكاوى مؤخراً من المغتربين اليمنيين في الخارج ومن يطلع على هذه الشكاوى سيكتشف قصصاً مأساوية ضحاياها المغتربون اليمنيون في الخارج وخاصة في “الشقيقة” السعودية التي تحتضن النسبة الأكبر من هؤلاء المغتربين، حيث يشكو اليمنيون العاملون فيها من الأضرار الكبيرة والجسيمة التي ستلحق بهم جراء التعديل الأخير في نظام العمل السعودي، والذي يتضمن طرد وترحيل كل مغترب لا يعمل لدى كفيله، في الوقت الذي يتبرأ فيه الكفيل من الالتزام بتوفير العمل لمن كفله، وأيضاً ارتفاع كلفة تجديد الإقامة السنوية للمغترب إلى حوالي عشرة آلاف ريال، فإذا كان معظم مغتربينا لا يتجاوز دخلهم في العام خمسة عشر ألف ريال، فكيف سيكونون قادرين على مواجهة الظروف المعيشية هناك وماذا سيوفرون لأسرهم في الوطن، فيصبح الأمر وكأن المغترب يعمل طوال العام فقط لكي يوفر قيمة تجديد الإقامة. • قبل أيام اتصل بي أحد الزملاء وهو بالمناسبة حاصل على شهادة في تقنيات وبرمجيات الحاسوب شاكياً ما يعيشه من معاناة في العمل الذي يشغله في السعودية قائلاً : “ رحلة الاغتراب التي كانت بالنسبة لي بمثابة رحلة الحلم بالمستقبل الأفضل أصبحت بمثابة كابوس وتمنيت لو أني لم أقدم على هذه الخطوة أبداً، ولو أني استثمرت مئات الآلاف التي قمت باستدانتها لشراء الفيزا، استثمرتها في بلادي لكان ذلك أفضل وأجدى لي ولحفظت كرامتي وآدميتي في بلدي”. • وأضاف : “ في العديد من الأيام أكون مطالباً بالبقاء في العمل حتى الرابعة صباحاً نزولاً عند رغبة صاحب العمل، وفي نفس الوقت أنا مُطالب بأن أكون أول من يحضر العمل الساعة الثامنة صباحاً في اليوم التالي دون مراعاة لأي اعتبارات، ومع ذلك فإن الراتب لا يتجاوز الألفي ريال، ولا أمتلك الحق في الرفض أو حتى النقاش لأن أي محاولة من هذا النوع إنما تعني الطرد من العمل وربما الترحيل». • أعتقد جازماً أن المشكلة الأساسية تكمن فينا نحن، حيث إن دولتنا نفسها تنتقص من قدر مواطنيها ولا تضع أي اعتبار لكرامتهم وإنسانيتهم، فأصبحت هذه الصورة النمطية السلبية تطارد اليمنيين وتلاحقهم في كل بقاع العالم، إضافة إلى أن هذه الدول على ثقة بأنها لن تجد أي موقف من قبل الجهات المعنية في بلادنا تجاه إهانة أحد مواطنيها، إننا بحاجة ماسة لأن تعيد بلادنا النظر في هذه المسألة الهامة، فكرامة البلد من كرامة مواطنيها، ولا بد من الاتفاق والتنسيق مع الجهات المعنية في بلدان الاغتراب بالتعامل الإنساني مع مواطنينا وضمان تمتعهم بكافة الحقوق التي تمنحها لهم القوانين والأنظمة المحلية وأية اتفاقيات ثنائية بين بلادنا وهذه البلدان. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك