خلال أسبوع من التحاور المُثمر في أروقة مؤتمر الحوار الوطني، وبالترافق مع تعدد الآراء تجاه شكل الدولة اليمنية الجديدة التي ستنبثق بإرادة وقناعة اليمانيين الرائين للمستقبل وضروراته، وباعتبار أن تلك الدولة لن تغادر الدولة الراهنة المخطوفة عن كيانيتها فحسب، بل ستكون الوعاء القادر على حلحلة وحل المشاكل العصيَة، المُنتصبة أمام العقل الجمعي للأمة، وفي المقدمة منها المسألة الجنوبية، وأن تلك القضية تتّسم بأبعاد خاصة، وتمثل أفقاً حقيقياً لمشكلة وطنية شاملة، فقد تداعيت مع نفسي والآخرين، وها أنذا أصرح بما يدور في خلدي، مُعترفاً بأن هذا الرأي قد لا يلقى قبولاً من لدن كثيرين، ولكنه في تقديري الشخصي براءة ذمة ذاتية صادرة عن مكاشفة استسبارية للشأن الوطني اليمني منذ عقود من المساهمة العضوية في هذه المسألة، كما أزعم أن عوامل الانتقالات الشخصية الأفقية في جغرافيا المكان والزمان الإنسانيين، وبالمعنيين المادي والروحي، ساعدتني في الاقتراب من هذا الحل الذي أراه، ومختصره الساطع الذي انبثق في عقلي وقلبي كما لو أنه شهاب ثاقب، هو ( يمن واحد ونظامان)، وهنا أشير إلى أنني لا أستقي هذا المقترح من مجرد تشابه الشعار الشكلي مع تجربة إنسانية بذاتها، بل من ضرورات يمنية داخلية عديدة أبرزها أنه يمثل رداً بليغاً على عدمية دُعاة استمرار الوحدة الراهنة بصيغتها الخائبة، وبين دعاة فك الارتباط لإعادة دولتي ما قبل الوحدة، وهما أمران يتفارقان شكلاً، ويلتقيان مضموناً، فهاتان الدعوتان العدميتان ليستا سوى مقدمة لإجهاض كل خيارات استمرار العملية السلمية التوافقية، على قاعدة التغيير الحقيقي والضروري، ويستعيضان عن ذلك برهن البلاد والعباد لاستيهامات مُفارقة لمنطق الحياة والتاريخ، كما أن هاتين الدعوتين تفتحان باباً واسعاً لصراع إقليمي متخلف تكون اليمن ساحة إدارته بالنيابة، ومثل هذه الحرب بالوكالة تجري الآن على جبهات متعددة، لكنها تعد يوماً بعد آخر بما هو أفدح.. لهذا لا بد من أن يتم التصدي لهذه الأصوات الناعقة القائلة بالوحدة أو الانفصال المُقدسين، ورفضهما، لأنهما الضامنان لحملة مباخر التخلف العتيد، وتحويل اليمن إلى خرابة لا سمح الله. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك