الدولة الاتحادية اليمنية قادمة لا ريب، وهي الكفيلة بإخراجنا من شرنقة البؤس إلى ضياء التقدم والنور، والنفور الذي نلمسه من مصطلح الفدرالية عند البعض ناتج عن مفهوم قاصر لأنهم يعتقدون أن الفدرالية على أساس نمط واحد.. وينسون أن هذه الكيمياء الساحرة أشبه ما تكون بالمضاد الحيوي، وليس هناك مضاد حيوي واحد .. هناك عشرات الأنواع من المضادات الحيوية، وعلى حسب المرض. النظام الإتحادي يتفصّل ويتناسب مع بيئتك .. أنت لا تجترح شيئاً من عندك .. لو تكلمنا عن محافظات الشمال والجنوب والشرق والغرب.. سنجد أنها كانت موجودة تاريخياً، والقضية أن الدولة الاتحادية لن تستلب الوحدة الوطنية، ولن تستلب من الدولة كيانيتها، ولكنك ستفتح الباب لكسر الاحتكار، وستفتح الباب لمشاركة الجميع في تحمل المسئولية، وفي تعظيم فرص التنمية.. لماذا الكل يراجع وزارة المالية على أساس تعزيز موازنته؟.. لم لا تكون كل المناطق عبارة عن مناطق إيرادية؟ ويكون هناك نظام يحدد كيفية المساهمة في الإيراد المركزي للدولة، وكيفية توزيع الميزانية الإتحادية على الأقاليم المختلفة بحسب حاجات هذه الأقاليم .. هذه المسائل يتم ضبطها من خلال آليات واضحة المعالم. ثم أننا نفتقر حتى إلى خزانة عامة في هذا البلد، وهذه واحدة من كوارث الدنيا .. الخزانة العامة التي كان معمولاً بها منذ أيام الانجليز في عدن رُفضت رفضاً قاطعاً على مدى ثلاثين سنة لأنها تضبط انسياب المال العام.. الخزانة العامة بمثابة غرفة رقابة مركزية للمال العام (ماستر كنترول).. المعضلة أننا لا نعرف أين تذهب الايرادات.. أزعم أن الإيرادات المتاحة في ظل ظروف الأزمة إذا مرّت عبر الخزانة العامة سترتقي حيوات البشر.. أنا أقولها بكل صدق .. ثمة مسارب غير سويّة.. غير طبيعية، وبالتالي نحن لا نجترح مآثر ولا نبتكر شيئاً من عندنا عندما نطالب بإصلاح الدولة هيكلياً..هذه أشياء معمول بها في كل العالم.. قضية التدابير والإصلاحات الاقتصادية والمالية نُوقِشت مراراً وتكراراً من قبل كل الإقتصاديين والأكاديميين والمصرفيين والماليين ولكن لا حياة لمن تنادي. نحن بأمس الحاجة إلى دولة الخزانة العامة التي تراقب كل شاردة وواردة من المال العام المنهوب. [email protected]