ثمة ما يجعلنا نؤمن أن الحوار الوطني سيصلح ما أفسده الساسة والمرتزقة والعسكر، لأن الحوار يمثل الطريق الآمن والأسلم لبناء وتنمية واستقرار المجتمع. التفكير المضاد للواقع والموجه ضد أهداف ومقاصد الحوار الوطني أمر يجب استبعاده لما له من أثار مدمرة لكل نجاح وإضرار بكل توجه نحو الانفراج والتسامح والتصالح الاجتماعي. قانون العزل السياسي لا يحل المشاكل والقضايا الاجتماعية بل يزيدها تفاقماً وعنفاً، في الوقت نفسه الجميع كان مشاركاً في السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر، ولذلك فإن الميزان الحقيقي والأفضل لمن يتحمل المسئولية في هذه المرحلة هو الأنظف يداً والأكفأ والأقدر على إدارة وتطوير الوزارة أو المؤسسة التي أوكلت له مهام قيادتها، لا أن نصنع للمجتمع حلبات صراع و مناطحات جديدة تفقده توازنه وتزيده عنفاً وضعفاً و إنهياراً. التاريخ لديه القدرة على الفرز الموضوعي للأحداث والمواقف وصناع التحولات والتغيير أو المؤامرات والتدمير، تسقط جميع الأقنعة بدون استثناء، يبقى العظماء في أماكنهم اللائقة ويذهب بالأشرار والمعتوهين والمرتزقة والطغاة إلى مزبلته التي جُعلت للنفايات وفاقدي الضمائر والأحلام. اليمن السعيد يحتاج منا أن نبنيه في وجداننا ونحفره في أفكارنا وأخلاقنا ليكون سعيداً، أما إذا بقينا نهينه وننتقص منه ونزايد عليه ونبتاع ونشتري به أو نقدمه قرباناً للأقرباء والبعداء تقرباً أو تأكيداً للولاء والطاعة، فسنظل دون مستوى اليمن السعيد ولن نكون جديرين به..الحوار الوطني وإن طالت مدته فهو طريقنا إلى إصلاح وترميم مسار الدولة والمجتمع، علينا أن نبني قناعاتنا الجمعية على تجاوز تلك العثرات والأخطاء وتحمل مشاق إعادة البناء المؤسسي، وقبل ذلك رد الحقوق والمظالم لأصحابها وإغلاق ملفات الصراع والثارات المؤجلة سواء تلك التي كانت قبل الوحدة اليمنية أو بعدها. تمنيت لو أن الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا يمني وفي هذه المرحلة العصيبة من حياة اليمنيين لصنع ما لم نستطع فعله، لكن الأماني شيء والواقع المعيش شيء آخر. الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية لديه الفرصة واللحظة المناسبة ليصنع لليمنيين ما صنعه نيلسون مانديلا لشعبه وبلده من التصالح والتسامح والدستور المتميز ودفع عجلة الديمقراطية والاقتصاد معاً، أن يؤسس لشراكة حقيقية وإيجابية في السياسة والحكم والاقتصاد والسياحة والتعليم والثقافة، كل ذلك ممكن تحقيقه إذا أحسن اختيار المحيطين به والقادرين على مساعدته في اتخاذ القرارات المناسبة للبناء والتنمية وإعادة الاعتبار والفاعلية لمؤسسات الدولة المدنية والعسكرية على السواء. إن مؤتمر الحوار الوطني يُعد المدخل المهم لإحداث التحول المؤسسي والاجتماعي نظراً لشرعيته والاهتمام الأممي والإقليمي بكل ما سوف يصدر عنه ويقر من خلاله، الأمر الذي سيساعد في بلورة كل القرارات اللازمة والمهمة للوصول إلى اليمن السعيد. الأمر ليس مثالياً بل واقعي، كل ما يحتاجه إرادة سياسية ودعم شعبي لكل القرارات المحورية والتوجهات الإصلاحية التي تسعى لإعادة هيبة الدولة وترسيخ أمن واستقرار المجتمع وترميم البيت اليمني بصبر وحب ووفاء واعتزاز. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك