الطريق الى تحقيق التقدم والنهضة في بلادنا العربية عموما وبلدنا الحبيب اليمن بشكل خاص , ليس طويلا او مستحيلا وصعبا كما يتصوره البعض , فنحن لا نحتاج الى عشرات السنين لتحقيق النهضة والانتقال من حالة التخلف الى التقدم في مختلف المجالات , اذا ما امتلكنا اولا الارادة الحقيقية والصادقة للتغيير وتحقيق التقدم , وتوافرت لدينا مقومات او متطلبات وشروط تحقيق النهضة فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . ويعد البحث العلمي وتبنى نظم وأساليب التعليم الحديث والمتطور ابرز مقومات ومتطلبات تحقيق النهضة فى مختلف الجوانب , فعندما سؤل مهاتير محمد –الرئيس الماليزي السابق - عن السر في تحقيق ماليزا للتقدم والنهوض في مختلف الجوانب وخلال فترة قصيرة من الزمن قال: أن تجعل الشعب كله يفكر في المستقبل , وحيث وجه السؤال نفسه للسيدة روبنسون رئيسة أيرلندا السابقة قالت إنه شئ واحد.. التعليم. واذا نظرنا الى واقع التعليم فى بلادنا اليوم نجد ان البنية الأساسية للتعليم ضعيفة جدا ، والتلقين ما زال أساس المناهج التعليمية ومنظومة التعليم مشتتة ، وهناك تزايد فى اتجاه التجارة بالتعليم ، وغياب شبه كامل للاهتمام بالبحث العلمى , وتردى كبير وخطيرفى وضع وإمكانيات وقدرات ومخرجات مؤسسات التعليم العام والعالي سواء الحكومية او الخاصة فى بلادنا . ولا يتسع المقام هنا لذكر جوانب الاختلال والضعف فى منظومة التعليم والبحث العلمي في بلادنا .لكننى سأركز فى مقالتى هذه على المستقبل واهمية التعليم والبحث العلمى فى تحقيق التقدم والنهوض بالدولة والمجتمع . فعلى الرغم من إيماني بحقيقة ماجا في البيت الشعري: «بالعلم والمال يبني الناس مجدهم....لم يبنى مجد على جهل وإقلال » إلا أنني أعتقد يقيناً بأن العلم هو الذي يأتي بالمال وبالتالي فإن اهتمام الدول والشعوب بالعلم والبحث العلمي يقودها إلى تحقيق التقدم والنهوض في مختلف المجالات . وهناك العديد من الأمثلة والنماذج الواقعية في تأريخنا الحديث والمعاصر لدول وشعوب كانت فقيرة ومتخلفة ونهضت وتقدمت بالعلم والابتكار ودعم وتشجيع البحث العلمي كالهند والصين ودول النمور الآسيوية وبعض الدول الأوروبية . ويكفي أن نطلع على بعض التقارير والإحصائيات العالية المتصلة بمستوى التقدم والناتج القومي و المنافسة والإنفاق على العلم والبحث العلمي في دول العالم , لنجد أن هناك علاقة طرديه بين مستوى التقدم وتنافسية الدولة على المستوى العالمي , ومقدار إنفاقها على العلم والبحث العلمي كنسبة من إجمالي دخلها القومي السنوي .فالدول المتقدمة تنفق بشكل كبير على العلم والبحث العلمي بعكس الدول المتخلفة أو النامية كمعظم الدول العربية التي نجد إنفاقها في مجال البحث العلمي بالذات يشكل نسبة ضئيلة جدا ومتدنية في ميزانيتها ونفقاتها المتنوعة. وللأسف الشديد عندما نسأل بعض المسئولين أو المحللين الاقتصاديين في معظم الدول العربية عن سبب تدني إنفاق دولهم على البحث العلمي يجيبوا بأن السبب الرئيس لذلك هو الفقر وشحه الموارد وأولوية الإنفاق على الجوانب الأخرى . دون إدراك من هؤلاء بأن السبب الرئيس لتخلف هذه الدول وشحة مواردها والكثير من مشاكلها يرجع إلى ضعف اهتمامها وإنفاقها على العلم والبحث العلمي المرتبط بعملية التنمية . وهو الأمر الذي يجعلها تقبع في دائرة التخلف والعيش في دوامة من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المختلفة. والاهتمام بالعلم والبحث العلمي لا يرتبط فقط بالكم أو بحجم الإنفاق على التعليم والبحث العلمي أو عدد المدارس والجامعات والطلاب في الدولة , بل يرتبط أيضاً وبشكل أساسي بالكيف أي بكيفية توجيه هذا الإنفاق إلى المجالات العلمية والبحثية الحديثة والمتقدمة والمرتبطة بإحداث التنمية الشاملة في المجتمع والتطور والتقدم في المجالات الصناعية والتجارية التي تحقق عائدات وموارد مفيدة للدولة , ولذلك فإن السبب الرئيس في تخلفنا كدول عربية في المجال الاقتصادي والصناعي بالذات يرجع إلى ضعف الاهتمام بالإنفاق على البحث العلمي الذي يخدم عملية التنمية رغم اهتمام العديد من الدول العربية بالإنفاق على التعليم بمستوياته المختلفة وبناء وتشييد العديد من المدارس والجامعات. فالعلم والبحث العلمي الذي يجب أن يكون محور اهتمام وتركيز حكومتنا والحكومات والمجتمعات العربية اليوم هو الذي يستند إلى معطيات التقدم التكنولوجي والمعرفي في المجالات العلمية التطبيقية والمجالات العلمية التطبيقية والمجالات الصناعية والاقتصادية التي تقود إلى تحقيق التنمية والتقدم والنهوض الاقتصادي . وهذا يقتضى الاهتمام بدعم ورعاية وتشجيع الإبداع والابتكار والاستثمار في تنمية العقول المبدعة والمبتكرة والموهوبة من الشباب في مختلف مراحل التعليم لأنه إذا لم تهتم الدول والحكومات باستثمار هذه العقول في صناعة الوطن فقد تستثمر وتستخدم من أطراف معادية في تخريب وتدمير هذا الوطن . رابط المقال على الفيس بوك