ردات فعل الناس حول أخطاء الساسة والقوى المؤثرة في اليمن جواب على سؤال التغيير ودليل على زيادة الوعي لدى الناس ومؤشر على اتساع متواصل للمشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي. تُكسب تلك الأخطاء الناس تراكماً لصالح الوعي بالحقوق... مثلما تكسب المخطئين حذراً من تكرارها، فانقشاع الغطاء السياسي الذي كان متوفراً لها جعلها أضعف وسيكون أمامها في المستقبل إما التغيٌّر أو الخروج من اشتراطات الزمن حين لم تعد صالحة لتكون في نظام جديد. في قضية مقتل الشابين حسن جعفر أمان وخالد الخطيب، على أيدي مسلحين من مرافقي الشيخ عبده ربه العواضي في حي الخمسين جنوب العاصمة صنعاء، بحجة اعتراض الضحيتين لموكبه، لا يجدي معها التحايل والتستر أو الطرق القبلية المضعفة للقانون.. ولن يلام أحد انتقد القتلة ولن يقبل من المتهم الحديث عن مبالغة ومزايدة في استنكار القتل فمبالغة المشايخ في الاحتياط وتأمين أنفسهم مقابل المبالغة كما يرونها في ردات فعل الرأي العام عليها. على المستوى الأدنى يتجلى صراع قِيَم بين مواطن ينشد دولة العدل والمساواة ونخب تريد الاحتفاظ بامتيازات أكبر منها وأكثر من حقها الطبيعي وليس غريباً أن تعتبر ردات فعل الناس مزايدة واستهدافاً لها فهي لم تتعود ذلك. لو احتفظت القوى المدنية بهذا القدر اللامستسلم من الرقابة لنفسها لنجونا، وهي بالفعل حققت طوال الفترة الماضية انتصارات متتالية مؤثرة في صنع القرار السياسي وفي تقويم السلوك السياسي والقبلي. ليس الأمر بالمزايدة والمناكفة السياسة وإن استغلت مثل هكذا حوادث من أطراف وإنما هو نتيجة طبيعية لكسر حاجز الخوف وعلو الطموح لدى شعب عانى لعقود من التهميش والظلم.. عانى من إثم الصمت. صراع المشايخ ومواكبهم ومرافقيهم مع بعضهم أو مع الناس البسطاء ليس جديداً.. إنه استعراض مقيت.. لو قُرأت نفسيات هؤلاء لوجدنا هنجمتهم ناتجة عن شعور بالنقص يكمله وهم الحماية المبالغ فيها بعشرات السيارات وعشرات المرافقين، وليتهم يفيدون الوطن بقليل مما استفادوا منه وأخذوه من حقه. لك الله يا شعب!