من أغرب عجائب هذا العالم أن تجد قاتلاً في دولة من أشد بلدان المنطقة فقراً وإخفاقاً وانتهاكاً لحقوق الإنسان والحيوان، ينصح غيره من السياسيين في بلد من أكثر البلدان نمواً وتطوراً وديمقراطية واحتراماً لحقوق الإنسان... الناصح هنا وزير الإعلام السوري والمنصوح هو رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، ينصح الأول الثاني بأن يتعامل مع شعبه بغير العنف أو ليقدم استقالته.. بعد أن لبس عباءة النصح وراح يتقمص بجرأة شاحبة شخصية واعظ دين شديد التمسك بدينه فظهر وهو القاتل فعلاً كليل الطرف، عاري الكلمات، بليد الإحساس.. بليد إلى أبعد حد. وتعنون عصابة دمشق بعض صفحات جرائدها بمثل هذا العنوان: الشعب التركي ينتفص ضد أردوغان وسياسته الفاشية. ويزيد إعلامهم الأكثر سذاجة في هذا العالم أن الرجل فشل اقتصادياً وسياسياً و.....الخ. وإمعاناً في هذه السذاجة والضحك الممجوج راح المتحدث باسم وزارة خارجيتهم يحذر المواطنين السوريين من السفر لتركيا بسبب خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع. كم يضحك المتابع لهذه الصفاقة والبجاحة الأخلاقية وهذا العري السياسي والإعلامي الواخز، والذاهب بعيداً في الكذب والتضليل الفاضح. هذه المفارقة الغريبة وشديدة العري، وهذا الانفصام النكد بين ما تقوله العصابة وما تفعله على الأرض يزيح الأقنعة الزائفة عن وجه العصابة القبيح والأشد دمامة وهو كاف لتغييبهم وراء الشمس والبحار، لا بل ومحوهم من الوجود كله. حسناً.. ماذا يسمي الزعبي ما تفعله آلة الحرب والموت السورية بالسوريين!؟ قتلت هذه الآلة100ألف سوري يزيدون أو ينقصون قليلاً، وجرحت أضعاف هذا العدد، وهجرت الملايين، أحرقت المحاصيل الزراعية، دمرت البنية التحتية للبلد، ومنازل المواطنين، ونشرت الرعب والخوف في كل مكان وزاوية.. حتى إسرائيل لم تفعل هذا بل لم تدانه! يعني النظام السوري كان يصافط السوريين، كان يمزح معهم فقط؛ لأن شراسة وعنفوان الجيش العربي السوري مدخرة للعدو الصهيوني، والوقت لما يحن بعد، ذلك العدو الذي احتل فلسطين وقتل أهلها وشردهم.. على مدى خمسين عاماً وهي المدة التي حكم بها بشار وأبوه سوريا لم يحقق هؤلاء شيئاً ذا بال، يستحق الذكر، ويمكن الاستناد إليه في تبرير كل هذه الوحشية على السوريين.. ويدهشونك بنعومتهم وحرصهم الشديد على شعبهم حينما يحذرونهم من الذهاب لتركيا ويهاجمون أردوجان لأنه قلع بعض الأشجار لإنشاء سوق تجاري وواجه المتظاهرين بخراطيم المياه. أردوغان هذا الذي يتحدثون عنه صنع لتركيا ما لم تصنعه حكومة من قبل وأعاد تركيا من جديد إلى صدارتها بين الدول في هذا العالم.. وتشير تقارير إلى أن الاقتصاد التركي قبل أردوغان كان في المرتبة السادسة والعشرين على مستوى العالم وبعد أردوغان صار في المرتبة السادسة عشرة وبذلك دخلت تركيا مجموعة العشرين. وكان الدخل القومي قبله 220مليارا وأصبح اليوم 650مليارا وكان البلد مدينا لصندوق النقد الدولي قبل الرجل ب 23مليار دولار وأصبح الدين الآن يقارب الصفر ونزل معدل التضخم إلى أقل من 9بالمئة بعد أن كان قبله أزيد من 30بالمئة. ارتفعت صادراتها من 36مليار إلى 113مليار دولار، وزاد دخل الفرد ضعفين وزاد العمل في البورصة التركية ثلاثة أضعاف. ضاعف ميزانية التعليم وأصبحت ميزانيته تفوق ميزانية الدفاع نفسها وفي هذا الصدد أنشأ 150ألف قاعة دراسية جديدة في البلاد و30 ألف قاعة جديدة خاصة بتكنولوجيا المعلومات، وأنشأ خمسين جامعة حكومية جديدة و25خاصة وأصبحت الكتب توزع مجاناً. في المجال الزراعي كان مجموع التشجيعات الزراعية 4مليارات وقبل سنتين وصلت إلى 11مليار دولار، ولأول مرة بدأت الحكومة التركية إعطاء قروض لمربي المواشي بدون فوائد، كما بنى أردوجان 80منطقة صناعية في أنحاء تركيا...الأربعاء الماضي 29 مايو/ أيار بدأت تركيا في بناء ثالث جسر فوق البوسفور يربط بين ساحليها الأوروبي والآسيوي ومن المقرر أن يكون أوسع وأطول جسر في العالم وطريق بري وسكك حديدية وهذا الجسر هو بمثابة تجسيد لتحول تركيا إلى قوة كبرى بحسب أردوغان وسيكلف المشروع ثلاثة مليارات دولار. بالإضافة لاستثمارات أخرى تقدر ب80 مليار دولار من بينها ثالث مطار في اسطنبول يوصف بأنه أحد أكبر المطارات في العالم وأنفاق برية وأخرى للسكك الحديدية أسفل مضيق البوسفور وخط للقطارات فائقة السرعة إلى العاصمة أنقرة وقناة للملاحة. ويأتي الزعبي يطالبه بالرحيل؛ لأنه اقتلع بعض الأشجار واستعمل خراطيم المياه على الشعب التركي الأعزل....في الوقت الذي قتل الزعبي وعصابته الحياة كلها وقلعوا رؤوس السوريين وأحالوا حياتهم إلى جحيم لا يطاق... فهل هناك صفاقة و بجاحة أزيد من هذه!؟ رابط المقال على الفيس بوك