تركيا الحالية لا تعاني الأزمة الاقتصادية العاصفة التي تتموضع في محارق متاهاتها عديد البلدان الأوروبية ومنها على سبيل المثال الواضح اليونان وإيطاليا والبرتغال واسبانيا، كما أظهرت السياسة المالية والاستثمارية التركية خلال السنوات العشر الماضية رهانها الكبير على الاقتصاد الكلي النابع من مقدمات الأرض ووعودها السخية بدلاً من اقتصاديات الوهم والبؤس النابعين من مرئيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتنمية وتابعهما الأكبر البنك المركزي الأوروبي الذي لا يختلف جوهرياً عن مؤسستي النقد والبنك الدوليين، وآخر شاهد على ذلك المقترح الجديد الذي قدّمه مدير البنك المركزي الأوروبي، حيث اختصر حل مشاكل اليونان وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا في شراء سندات بنوك تلك البلدان الوطنية عبر أموال تسلّم لهم كقروض مستحقة السداد بالترافق مع روشتات قاسية لحمية مالية وإدارية واستثمارية تحيل تلك البلدان إلى مجرد تابع لهيمنة الكبار على الاقتصاد المالي الأوروبي المبثوث في تضاعيف عملة اليورو، بوصفها مستودع القيم والتبادل والائتمان. أدرك حزب العدالة والتنمية التركي منذ وقت مبكّر مصيدة «اليورو» تماماً كما فعلت بريطانيا في أفق ما، وخلال عقد الإصلاح السياسي والمالي والإداري أنجزت الحكومة التركية سلسلة من النجاحات لصالح الجماهير الغفيرة، فيما حاصرت مافيا المال البنكي والسيطرة الناعمة على مقدّرات الاقتصاد التركي، وهو الأمر الذي يفسر لنا طبيعة الصراع المرير بين المافيا اليمينية السياسية المالية من جهة، وحزب العدالة والتنمية من جهة أخرى. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك