في بلادي كل أسباب التطور والنماء تتحوّل إلى أسباب للتخلف والدمار.. هنا حيث يتغوّل الجهلة والمأفونون، وتسود ثقافة التبرير والتمرير، ويتم النظر إلى الحقائق بالمقلوب، فبدلاً من مواجهة التحديات بمنطق جديد، نواصل استخدام ذات الثقافة القاصرة، ونصر على استمرار المركزية القاتلة، ونهادن اللصوص والمجرمين والقتلة، ونتستّر على ناهبي الأموال العامة، ونستمرئ معاينة الذين طُبعوا بطابع المتسوّلين عند موائد الآخرين، وكأننا جُبلنا على ذلك، وكأننا اليد السفلى دوماً. في بلادي نعيد إنتاج المتاهات، ونصادر الأحلام بفقاعة التناقض السافر بينها والوقائع التراجيدية اليومية، وفي كل يوم تزداد خيباتنا، ونسمع عن المزيد من الآلام والأنين، ونتهابط في الانخفاض؛ حتى إننا اليوم نتوسل الحلول من دول الجوار الأفريقي بعد أن أعيتنا الحيلة والفتيلة مع الجوار العربي «الشقيق» ونتخبط بحثاً عن مخارج لتأمين الكهرباء والماء، وتصبح مطاراتنا المنتشرة في جل المدن اليمنية مجرد محطات طارئة لبضع طائرات تهيم خارج السرب الدولي للطيران، وتصل إلينا بعد يوم أو أسبوع. في بلادي يتغوّل الأقزام، وتتوارى العقول النيرة وراء غلالات الحيرة والقهر، ويتحوّل جيل بكامله إلى مجرد متعطلين يتم تجنيدهم من قبل دوائر المخدرات والسلاح والتعصب المغلف باسم الدين، في ذات الوقت الذي تتم فيه مصادرة طفولتهم وشبابهم ليصبحوا جنداً للشيطان بشكليه الناعم والحاد. كل هذا يحدث في بلادي رغماً عن التوافق الذي بدا حكيماً، وأصبح مجرد استراحة لتدوير الشر، ورغماً عن مؤتمر الحوار الوطني الذي استلم كامل الملفات المفتوحة على قاعدة التوافق الحكيم؛ فإذا به في مواجهة حقائق مغالبة لجوهره الحميد. وبعد كل ذلك وقبله.. انهيار الأحلام الكبيرة لمن ضحّوا من أجل تغيير يعيد الوطن إلى المربع الطبيعي لأوطان البشرية الممتدة في كل أرجاء المعمورة. هذا ما يحدث في بلادي، فيا لها من حسرة، ويا له من مشهد كئيب!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك