عرف أسلافنا من عرب الجاهلية أصنامهم التي كانوا يعبدونها ، بل ويعتقدون أنها تقربهم من الله ، وأنهم الواسطة الأرضية للمرور عبر دروب التقرب إلى الحق ، وكانت تلك الأصنام متنوعة متعددة بتعدد الرؤى والأفكار والعقائد ، وكانت تلك العقائد الوثنية تتعايش مع عقائد التوحيد الإبراهيمي والموسوي والعيسوي ، بل إنهم كانوا ينصبون أصنامهم المتنوعة في الكعبة المشرفة التي تحولت في تلك الأثناء إلى «هايد بارك» للتعبير عن القناعات ، ومزاولة التروحنات الوجدانية ذات الصلة بتلك العقائد، وإلى ذلك كانت أصنام أسلافنا العرب ذات قيمة رمزية وروحية ، ولم تكن ذات صلة بخساسات الدنيا ومصالحها لكونها صادرة عن مثال غيبي وثني، وكانت المراتبية الصنمية جزء لا يتجزأ من تلك العقائد التي بقدر اختلافاتهم الواسعة توحدت في مربع ظهورها وإظهارها، وكيفت الزمان والمكان لحرمة أشهر بذاتها، يتوقفون فيها عن تصفية الحسابات ، والثارات ، والحروب ، وينعم الجميع بالسلام والطمأنينة تحت حضرة « هبل» والغرانيق العلا«اللات والعزى ومناة » ، وبهذا المعنى نستطيع القول إن أصنام جاهليينا تختلف عن اجتراحات أصنامنا العصرية ، فأصنامنا بشر من لحم وعظم ، وتقديسهم لا صلة له بأي رمزية أو قيمة عدا الخضوع الذليل ، والاستجداء الدائم، وكأنهم أولياء نعمتنا ، وسبب وجودنا.. يمنحوننا الحياة والموت!!. بعبادتنا الراهنة لأصناف بشرية محنطة ، ومستحاثات اركولوجية خابية ، نكون قد أثبتنا لأسلافنا الجاهليين ما نحن أدنى منه مقاماً وقيمة ، ناهيك عن ضربنا عرض الحائط بالتوحيد الإبراهيمي الذي منه نبع الإسلام بوصفه الدين الحق الذي لايرضى بغير عبادة الخالق الذي «لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك». صدق الله العظيم. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك