حاملاً في حقيبة روحه وزر واقع مدجج بالخطايا؛يُجبر المواطن اليمني على خوض تجربة إغترابية محفوفة بالاسى والأنين, هذا السندباد المسافر في شجن الايام وشجوها يدرك حقيقة أن الغربة ستتقاذفه عبر أمواجها المتلاطمة العاتية ومع ذلك لا يجد بُداً من الإقلاع عبر مدارج “وإذا لم تكن غير الأسنة مركباً فما حيلة المضطر غير ركوبها”..لقد إبتعد حباً في الاقتراب ,وظل يرتحل في آفاق الغربة وتضاريسها الوعرة إنشداداً إلى وطن تتناوشه التحديات والمحن... مجسّدا ًفي ترحاله عظمة الاستقرار وفي انفصاله متانة التواصل والحنين, حتى عندما تحرر من جور الزمان وقسوته كان عسف المكان وحيفه له بالمرصاد فلم يأبه لذلك ومضى في احتراقه أملاً يضيء للآخرين ظلام دروبهم ووحشتها...إنه غير كل المغتربين وهذه حقيقة لا مراء فيها ،إذ هو الأب وهو الأخ وهو رب الأسرة ورب العشيرة واذا استدعى الأمر رب القبيلة بأسرها فلا تستغربوا. لا تجود الاخبار القادمة من أرض المهجر اليوم وبالذات تلك المتعلقة بواقع المغترب اليمني في دول الجوار؛لاتجود بما يبعث على الطمانينة والارتياح, بل توسعك سياطها بلهيب الحسرة والانكسار,حيث الآلاف من مغتربينا هناك عالقون في شرك واقع إنساني بائس يدعوك بإلحاح شديد لفك ارتباطك مع الصمت وإطلاق أعيرة سخطك صوب واقع رسمي يفترش الضعف ويلتحف الهوان.... لا قانون يدثرهم من صقيع إجراءات أدنى ما يمكن وصفها بأنها تعسفية وخارجة عن شتى دوائر الإنسانية والعقل والمنطق وحتى حق الجوار... صحيح أن لهذه الدولة أو تلك الحق الكامل في تنظيم شؤون الوافدين وتطبيق القوانين واللوائح المتعلقة بالمقيمين هناك دون صفة شرعية لكن دون المساس بقداسة حقوقهم المكفولة شرعاً وعرفاً وقانوناً..وتحضرني الآن صورة لحالة مماثلة أو تكاد,تم التعامل معها على نحو من البهاء الانساني والقانوني المدهش العجيب , إنها في حاضرة العالم أمريكا حيث العدالة تمضي مدججة بالقيم الانسانية التي تكفل للإنسان حقه في العيش اللائق الكريم حتى وهو في دائرة الحظر والتجريم.. لقد بات من الضرورة بمكان أن تفرج الجهات ذات العلاقة عن كثير من صمتها المخجل إزاء الأوضاع المتصلة بواقع المغترب المثخن بالضيم والظمأ...تضحك وزارة المغتربين على نفسها وهي تعلن بفخر واعتزاز عن تعاقدها مع شركة قانونية رائدة للدفاع عن القضايا المتعلقة بالمغترب اليمني هناك,وتكذب على نفسها ايضاً وهي تعقد مؤتمراً سنوياً للمغتربين تُناقش فيه قضاياهم بطريقة «الخطبة الخطبة والجمعة الجمعة».. حيث اتضح وبما لايدع مجالاً للشك أن العائد من وراء ذلك مثل صفراً وصفراً على الشمال...وأن الوزارة الموقرة ظلت مشدودة إلى الشكل أكثر من إنشدادها إلى المضمون فضمنت بذلك وصولاً مبكراً إلى مربعات الشد النفسي لمشاعر أنهكها الوقوف المتكرر على قارعة الإغتراب. رابط المقال على الفيس بوك