النفس الإمارة بالسوء هي التي تسيطر على البعض من الناس، ومن سيطرت عليه نفسه وأحكمت عليه الخناق لم يعد قادراً على تفعيل عقله، وتغيب عنه الحكمة ويضعف إيمانه ويفلت زمام الأمور من يديه وينتهي به الأمر إلى الفشل في الحياة، ولذلك فإن مدرسة الشهر الكريم تعلم المسلم الحق كيفية مقاومة ومحاربة ومواجهة النفس وتصنع في الإنسان القدرة على التغلب على الشهوات أياً كانت وتمكنه من إحكام السيطرة على النفس والتحكم في الهوى بقوة الإيمان المطلق بالله رب العالمين. إذا كان ذلك في شأن الفرد المسلم، فإنه كذلك في شأن القوى والأحزاب السياسية التي ينبغي لها أن تستفيد من هذا الشهر الكريم استفادة مطلقة وتراجع حساباتها وتعترف بأخطائها وتقيّم آثار أقوالها وأفعالها وانعكاساتها على حياة الناس كافة، لتبدأ خطوة جديدة تتصالح مع ذواتها وتتحكم في أهوائها وتقدر أين تكمن مصلحة البلاد والعباد، وتقلع وإلى الأبد عن ممارسة الكيد والنكاية والحقد، وتؤمن إيماناً كاملاً بأن الحزبية ماهي إلا مجرد وسيلة، وليست غاية بحد ذاتها، وهذا هو الدرس الذي ينبغي للقوى السياسية تعلمه في هذا الشهر الكريم، لتبدأ بعد ذلك مشواراً جديداً تتصالح أولاً القوى السياسية مع مكوناتها القيادية والقاعدية، ثم تتصالح القوى السياسية مع بعضها البعض، ثم يقف الجميع أمام مصالح البلاد والعباد وآلام الناس وأوجاعهم من أجل أن يغلب الجميع المصالح العامة على المصالح الخاصة. إن الوقوف أمام الأقوال والأفعال التي حدثت خلال الفترة الماضية من الأحزاب وكافة القوى السياسية ومراجعتها بمسئولية مطلقة أمام الله والناس كافة من الأعمال الإيمانية التي ينبغي للأحزاب السياسية إنجازها في هذا الشهر الكريم، وهذا يقودنا جميعاً إلى المزيد من التفاؤل، ونحن في نهاية الثلث الأول من الشهر الكريم وعلى مقربة من الفوز برحمة الله والاستعداد للفوز بالمغفرة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك