إن الفعل الوطني المخلص يتطلب التضحية والإيمان المطلق بالمصلحة العامة، والاعتقاد الجازم أن مصلحة عامة الناس أعظم من مصلحة الفرد، وأن التضحية من أجل مصالح البلاد والعباد واحدة من أعظم المقدسات الإنسانية التي يؤمن بها الفرد ، لأن تحقيق الصالح العام تحقيق لمصالح الفرد كذلك. ولعل البعض قد يعتقد أن ما أقوله في هذا الاتجاه مبالغة وغير موضوعي، ولكن دعني أضرب لك أخي القارىء الكريم مثالاً في هذا الجانب، عندما نحافظ على الأمن والاستقرار ألا تتحقق مصلحة الفرد والجماعة؟ وعندما نحافظ على الوحدة الوطنية ألا تتحقق مصلحة الفرد والجماعة؟ وانظر معي إلى الحالة الفردية فعندما يرى فرد أو قلة من الناس أن مصالحهم لا تتحقق إلا في إثارة الفتن وإقلاق الأمن وقطع الطريق وقتل النفس المحرمة ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتعطيل الحياة العامة وإثارة الرعب وبث روح الفرقة والتمزق، ألا يجب الوقوف ضد هذا الفرد أو الجماعة التي تريد أن تغلّب مصالحها الخاصة على المصالح العامة؟ ألا يجب أن نعلن جميعاً أننا ضد عناصر التخريب وتجار الحروب وصناع الأزمات ومثيري القتل الذين يسعون في الأرض فساداً؟. إن الفعل الوطني المخلص هو الذي يغلّب المصالح العامة على المصالح الخاصة ، وهو الذي ينظر إلى المصالح العليا للبلاد والعباد ويضحي ويتحمل من أجلها، وليس أولئك الذين فقدوا مصالحهم غير المشروعة فهبوا من أوكارهم ومخابئهم إلى دعوة العامة والبسطاء من الناس لإحداث الفوضى العارمة، دون أن يكونوا في وسط تلك الفتنة ، لأنهم يدركون بأن عواقب أعمال التخريب والتدمير وخيمة وسيطال الفاعلين العقاب الدستوري والقانوني، وهم في منأى من ذلك كله وكأنهم سيفلتون من العقاب. إن على الكافة أن يدركوا أن ماتدعو إليه مايعرف بأحزاب الإثارة والتخريب لا يحقق الصالح العام للبلاد والعباد وإنما هو الدمار الشامل الذي يأتي على الأخضر واليابس، فالحذر الشديد من الانجرار خلف تلك الدعوات الشيطانية والعمل بجدية من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار وصون الوحدة الوطنية لأنه الاتجاه الذي يحمي المصالح العامة والخاصة بإذن الله.