حتى دون أن تدخل إسرائيل في حرب مباشرة مع سورية، آلت الأحداث الداخلية في هذا القطر العربي الشقيق إلى مرحلة خطيرة من التدهور الشامل، وفي مقدمة ذلك احتمالات انهيار المؤسسة العسكرية التي كانت تمثل أحد مرتكزات التوازن الاستراتيجي في الصراع العربي الإسرائيلي.. وهذه حقيقة ماثلة للأذهان حتى في ظل تلك الظروف السياسية التي أعاقت قيام الجيش العربي السوري بمهام تحرير الأراضي المحتلة، وفي مقدمتها منطقة الجولان وغيرها منذُ الاحتلال الإسرائيلي لها وحتى اليوم. ومع التصدع الكبير في وحدة الصف السوري واحتمالات انهيار الجيش جراء استمرار الاحتراب الأهلي.. بالمقابل يخشى كثيرون من مآلات التطورات المؤسفة داخل مصر الشقيقة وانعكاساتها السلبية على إمكانية تفكك الجيش المصري كذلك، خاصة إذا ما تصاعدت حدة المجابهة بين منظومة الحكم الجديد وبين جماعة الإخوان، وذلك عقب الإطاحة بولاية الرئيس مرسي منذ أسابيع. إن أكثر ما يدعو إلى مثل هذا التشاؤم، المواجهة بين جماعة الإخوان وقوات الأمن المصرية.. وبالتالي إمكانية إقحام هذه المؤسسة في معارك جانبية تؤدي – بالنتيجة - إلى تحييد دورها عن المعركة الأساس المتمثلة في الدفاع عن حياض الوطن ومعركتها الأهم مع جيش الاحتلال الإسرائيلي على خط الجبهة الشرقية. ومع دخول سلاح حزب الله في مستنقع الاقتتال الأهلي بين الأشقاء في سورية، فإن هذا يضعف من دور سلاح المقاومة في حماية الخاصرة العربية على أرض الجنوب اللبناني، ذلك أن تحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية من احتلال الكيان الإسرائيلي، لا يمر بالضرورة عبر التدخل في الشأن السوري بأي حال من الأحوال.. وإن مثل هذا التدخل يؤدي حتماً إلى تشتيت دور هذه المقاومة في معركة التصدي للمخطط الصهيوني التوسعي، فضلاً عما يرتبه هذا التدخل من خطورة على نسف حالة فسيفساء التعايش في لبنان. ومن هذا المنطلق، فإن الأمر – بتداعياته السلبية – لا يقتصر على مجرد انهيار المؤسسة العسكرية العربية على الجبهات المصرية والسورية واللبنانية واختلال التوازن العسكري مع قوات الاحتلال الإسرائيلي وإنما تزداد خطورة ذلك وانعكاساتهِ على احتمالات تصدع الحامل الرئيس للقصية العربية العادلة والمشروعة، ألاّ وهو منظومة العمل العربي المشترك بمختلف مؤسساتهِ الاقتصادية والسياسية وإصابتها بالشلل التام جراء هذا الانقسام الحاد في الموقف من تداعيات الأوضاع في هذه الدول الثلاث، وبما يُنذر بالكارثة – إذا جاز التعبير – ليس فقط على وحدة تماسك هذه الجيوش وإنما أيضاً على استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل المنظومة العربية ككل. وختاماً، فإن المستفيد الوحيد من انهيار المنظومة العربية هو الكيان الإسرائيلي، سواء من حيث استمرار غياب التوازن العسكري أو من حيث استمرار تنصل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عن الالتزامات الدولية إزاء استحقاقات السلام وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لقرارات ومرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!! انتهى. كتابان جديدان للباحث الجمرة. صدر مؤخراً للباحث علي صالح الجمرة كتاب متميز بعنوان ((الدعوة الفاطمية في اليمن 881 – 1127م)) والكتاب عبارة عن بحث تاريخي أكاديمي يوضح حقيقة تأصيل الدعوة الفاطمية في اليمن.. وهو إضافة جديدة إلى المكتبة اليمنية. كما صدر للباحث الجمرة في نفس التوقيت كتاب يروي سيرة ذاتية بعنوان ((حكاياتي.. عبر الزمان والمكان)) دوّن فيها المؤلف بعض الأحداث والوقائع منذ عام 1950 م حتى السنوات الأولى للوحدة اليمنية.. وهي أحداث عاشها المؤلف وشارك فيها أو شاهدها. والكتابان يستحقان القراءة والتأمل لما ورد فيهما من موضوعات وقضايا تهم القارئ. رابط المقال على الفيس بوك