عندما جاء الربيع العربي على حين غفلة من سدنة التوقعات السياسية، وجدت روسيا نفسها أمام طارئ مقلق، وتداركت أمرها بعد حين، لتُشكِّل عقبة كأداء أمام رغبة الولاياتالمتحدة في إتمام ملف الربيع العربي بالكيفية التي تراها مناسبة، وبالتوازي مع سياسة النأي بالنفس، الموازية لتدخل الغير بالنيابة، التي اعتمدها الديمقراطيون بزعامة أوباما .. لكن تلك السياسة الأمريكية بالذات، كانت تتوق إلى تحقيق مرئيات الديمقراطيين، بأدوات أوروبية ودولية، كما حدث في ليبيا واليمن، وعلى سبيل المثال لا الحصر. على خط متصل؛ تحقق التحالف الروسي الصيني الناجز في مجلس الأمن الدولي، وأصبحت المشكلة السورية بانتظار توافق الكبار، وتليين العلاقات باتجاه استيعاب روسيا البوتينية الجديدة، التي لم تعد خائرة القوى، ولم تعد تجر معها خيبات البريستوريكا وما تلاها من ضعف على عهد يلتسن. حالة الانحباس السياسي الدولي تلك اقتضت نظرة جديدة، ورؤية متجددة ، وتنازلات شجاعة من الطرفين الأساسيين في معادلة القوة المجردة “أمريكا وروسيا”، وحينما نتحدث عنهما فإنما نتحدث ضمناً عن حلفائهما التقليديين في أوروبا وآسيا، وتحديداً دول الاتحاد الأوروبي على الخط الأمريكي، والصين على الخط الروسي. هنا نكتشف كيفية تحقق التعددية القطبية ضمن صيغة يتزعمها ذات الثنائي التاريخي القادم من رحى الحرب الباردة “أمريكا وروسيا” وكيف يكون القبول الناجز لاوروبا وآسيا، مقروناً بالتشاور والمصالح الافقية لكل الأطراف. لعل وصول الأوضاع إلى حالتها الاستحالية الراهنة يكون نذير بشارة لتفاهم دولي جديد، يضع بعين الاعتبار كامل المرحلة السابقة وإخفاقاتها المؤلمة، وآثارها المدمرة على كامل الصعد. ومن هنا نستطيع القول إن العقل العالمي الرشيد يباشر الآن تحبيك سيناريو للتفاهمات الكفيلة بإخراج البشرية من محنة ما بعد الحرب الباردة، يعطي الشعوب أملاً في عالم خال من العنف المتطرف، والعصبية، والاستيهامات. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك