منذ يومين فقط كانت جماعة الحوثي تخوض معارك في بعض أحياء العاصمة لمنع الناس من إقامة صلاة التراويح؛ لا أدري إن كانت للمسألة علاقة بعمر بن الخطاب؛ أم أنها تأتي في سياق النكاية بمحمد اليدومي وحزبه العتي!!. أحد مراكز البحوث النشطة كان قد وثّق زهاء 15000جريمة لمليشيات خارجة عن القانون في محافظة صعدة وبعض المناطق المجاورة لها, حدث هذا قبل حوالي شهرين؛ وتحديداً حينما كان ممثلو الحوثي في مؤتمر الحوار يقاتلون لإسقاط المادة الثالثة من الدستور بصورة شديدة الغباء وتلخص أقبح أنواع النكاية السياسية التي أثار التحرج من خوضها خصوم التيار الإسلامي هنا في اليمن. ربما لم يعد مهماً البحث في واقع جماعة الحوثي والظروف المحيطة بنشأتها لفهم سلوك هذه الجماعة ومعرفة أي نوع من البشر يقودون دفّتها؛ لأننا واقعياً أصبحنا نعايش حالة فريدة من الجنون السياسي تتجاوز أبعد نقطة في الحمق والنزق والغباء, ونلمح تصرفات يستحيل تصنيفها في إطار الحد الأدنى من العقلانية والمنطق اللذين يجري نسفهما بإفراط في ملحمة تفخيخ المشهد الوطني برمته لغرض إرهاب العامة وترويعهم؛ بالإضافة إلى الرغبة المتعطشة في تسجيل نقطة انتصار عبثية في مسرح النكاية التي لا تنتهي. قد لا يبدو أن من المنطقي استباق الأحداث؛ لكن من المؤكد أن كل من يتناول الظاهرة الحوثية لن يصل إلى نتيجة أكثر عقلانية من هذه: ظاهرة مجنونة, غامضة, عبثية, تصارع كل شيء, لا يغريها حلم الوطن؛ بل تستميت في تمزيق أوردة هذا الحلم تحت تأثير حيثيات لعينة تجاوزها العقل وردمها التاريخ بين أكوام نفايات الجاهلية الأولى..!!. إنها النتيجة ذاتها تتولد أيضاً من حرارة الإيمان أن الظاهرة الحوثية رغم كل شيء يجب أن تظل في منأى عن أية ملامة أو عقاب سياسي؛ فنحن في نهاية المطاف أمام ظاهرة محاطة بكم مفزع من الألغاز والطلاسم المعقدة التي لا يجدي معها العقاب. ومن يدري، لعل هذه هي الطريقة المثلى لرميها برمح الهلكة, وجعلها تسقط في مستنقع نهايتها دون شعور؛ خصوصاً وقد شيدت سياجاً من الرفض في مواجهة كافة الدعوات الغيورة لها لإنهاء هوس التمرُّد والاستعلاء والسيطرة, والانتقال من ظاهرة ممتلئة بالعنف إلى حالة سياسية مدنية محتكمة إلى الديمقراطية وقواعد التنافس الحضاري. إن الظاهرة الحوثية تتصادم مع مفكرتي الإنسان والقانون, ولذا ستنتهي دون الحاجة إلى ردعها بأي نوع من أنواع العقاب. رابط المقال على الفيس بوك