الذين ينكرون الشمس في رابعة النهار! يواصل الإمام بديع الزمان سعيد النورسي حديثه في رسالة الحشر من كليات رسائل النور قائلاً: “فلا بد لهذا الكون العظيم من خالق حكيم عليم قدير مطلق، لأن هذا الكون إنما هو كالقصر البديع، الشمس والقمر مصابيحه، والنجوم شموعه وقناديله، والزمن شريط يعلق عليه الخالق ذو الجلال في كل سنة عالماً آخر يبرزه للوجود، مجدداً فيه صوراً منتظمة في ثلاثمائة وستين شكلاً وطرازاً، مبدلاً إياه بانتظام تام، وحكمة كاملة، جاعلاً سطح الأرض مائدة نعم، يزينها في كل ربيع بثلاثمائة ألف نوع من أنواع مخلوقاته، ويملأها بما لا يعد ولا يحصى من آلائه، مع تمييز كل منها تمييزاً كاملاً، على الرغم من تداخلها وتشابكها.. وقس على هذه الأشياء الأمور الأخرى، فكيف يمكن التغافل عن صانع مثل هذا القصر المنيف؟ ثم، ما أعظم بلاهة من ينكر الشمس في رابعة النهار، وفي صحوة السماء في الوقت الذي يرى تلألؤ أشعتها، وانعكاس ضوئها على زبد البحر وحبابه، وعلى مواد البر اللامعة وعلى بلورات الثلج الناصعة، لأن إنكار الشمس الواحدة ورمقها في هذه الحال يستلزم قبول ثميات حقيقية أصيلة، بعدد قطرات البحر وبعدد الزبد والحباب وبعدد بلورات الثلج! ومثلما يكون قبول وجود شمس عظيمة في كل جزيئة وهي تسع ذرة واحدة بلاهة، فإن عدم الإيمان بالخالق ذي الجلال، ورفض التصديق بأوصاف كماله سبحانه مع رؤية هذه الكائنات المنتظمة المتبدلة والمتعاقبة بحكمة في كل آن والمتجددة بتناسق وانتظام في كل وقت ضلالة أدهى ولا شك، بل هذيان وجنون.. لأنه يلزم إذ ذاك قبول ألوهية مطلقة في كل شيء حتى في كل ذرة! لأن كل ذرة من ذرات الهواء مثلاً تستطيع أن تدخل في كل زهرة، وفي كل ثمرة، وفي كل ورقة، وتتمكن أن تؤدي دورها هناك، فلو لم تكن هذه الذرة مأمورة ومسخرة للزم أن تكون على علم بأشكال ما تمكنت من الدخول فيه وبصورته وتركيبه، وهيئته، أي يجب أن تكون ذات علم محيط، وذات قدرة شاملة كي تستطيع القيام بذلك!! فائدة: عميان البصر لا يبصرون الشمس في عز النهار لكنهم يرون الله في أحلك الظلمات وعميان القلب لا يبصرون في أوقاتهم كلها. رابط المقال على الفيس بوك