هكذا نسأل أنفسنا بتلقائية كباراً وصغاراً ونحن نرى ما نرى في هذه الأيام وقلوبنا تقطر ألماً على ما يحدث هناك في أم الدنيا، فقد تحوّل اليوم كرسي السلطة إلى إله يُعبد، ومن أجله تُسكب دماء الناس، ويُقتلون بمقابل زهيد جداً، يضحك به عليهم أولئك المجرمون فوق الكراسي. أنا أحد الأشخاص والناس البسطاء الذين يرون في مصر الأنموذج الرائع؛ أو لنقل المتميز للعرب في تلك البلاد، ربما للنماذج التي رأيتها، ولما سمعت ممن عاشوا فيها من أهلي، لكن ما أعجب له هو أن النموذج الذي يسمّون أنفسهم بأصحاب الدين، الدين الذي لا يعرف مما يحمله الناس اليوم شيئاً، يتعاملون بنفس الطريقة في كل مكان مع الناس، فعندما يخرج الشعب بملايينه ويكتسح الشوارع وهو يردد نفس الجملة وبنفس المكان: «الشعب يريد إسقاط النظام» لكن هذه المرة بحرقة ووجع، فقد وقفوا قبل ذلك ليسقطوا نظاماً وضحّوا بشهداء ودماء وأموال ليأسسوا بعد ذلك لدولة الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة؛ وإذ بهم يستنجدون بالرمضاء من النار، فتُسرق ثورتهم؛ وإذ بهم يهربون من فساد غير منظم إلى فساد ممنهج ومنظم ومدروس يقصي الناس ليبقى هو ليتحول إلى ملك متوّج لا رئيس منتخب، ويستبعد الناس من جديد لكن تحت مسمّى الدين وليتحوّل ذلك الشبه العام إلى 100 عام، يُلقي فيه الرئيس خطابه لأهله وعشيرته وليسطّر نهاية ذلك الكابوس بعيشه مع زميله الذي أسقطه بنفس السجن؛ وإن كان مستشفى حسني أرقى من ذلك..!!. وليت الأمر يتوقف عند ذلك، وليت الشعب بعد صراخه يسكت أنصار ذلك الرجل الذي يدفع لهم يومياً ليلتفوا في ذلك الميدان، لكن تُحجز الطرقات، وتتحوّل تلك الحديقة إلى مجرد ساحة للاعتصام ودورات المياه، وفيها يُجاز لهم كل شيء حتى الزواج، ويتكرّر نفس المشهد الذي كان يُشاهد في جامعة صنعاء.....!!. فمتى يعود الناس إلى رشدهم، ولماذا بات الإنسان بروحه لا يساوي شيئاً، وكيف يرفضهم الشعب ويفرضون أنفسهم عليه بالقوة، القوة التي تجيز لهم احتلال المساجد، ومن ثم إحراقها كما كان يحرق اليهود ما يتركون، لكن لم يحرقوا مسجداً، وكيف لهذه الجماعات أن تحل لنفسها كل شيء، وتحت مسمّى الدين، ولا تحلها لغيرها، وتتهم الناس بالكفر والخروج عن الملة، ربما ملّتهم هم التي لا تمت إلى الإسلام بشيء، الإسلام الذي نعرفه ونؤمن به..؟!. فعلى مستوى حتى صدقات رمضان؛ لا تُعطى إلا لأنصارهم ولمن يستغلونهم في الانتخابات، مع أنه بعدما عرفنا الحقيقة ورأينا مصر وما فيها؛ لا يمكننا أن نُلدغ من نفس الجحر مرتين ونداس بنفس الحذاء هكذا بلا قيمة، وهل يعني هذا أن ما حدث بمصر بكل ما فيها من عقول ومبدعين وعباقرة وأمن وضباط وأحداث، سيتكرّر في غيرها، وسيتحوّل الربيع العربي الأول إلى الربيع العربي الثاني، وهكذا تضيع أعمارنا ودماؤنا بين هذه «الربيعات» وسنبحث بعدها عن خريف يريحنا..؟!. رابط المقال على الفيس بوك