في تقديري الشخصي أننا لسنا بحاجة إلى مزيد من الدعوات الحراكية ذات الأبعاد الجهوية أو المناطقية، خاصة واليمن اليوم يواجه كماً هائلاً من المشاكل المنتصبة أمامه.. وتحديداً مع تزايد تعقيدات المشهد الذي نلحظ فيه البعض يحاول دق أسافين الخراب لتقويض عملية التسوية للضغط للحصول على مصالح فردية أنانية ضيقة. وفي هذا السياق تابعت تصريحات السفير عبدالوهاب طواف وهو يسعى لتأسيس حراك شمالي أسوة بالحراك الجنوبي مع أنني لم أسمع من يقول بمثل مسمى الحراك الشمالي لأسباب موضوعية لا يتسع المجال لتعدادها هنا. إن الأمر المثير للدهشة أن يتزامن مثل هذا الطرح في الوقت الذي تشتد فيه أوار حملة إعلامية مفضوحة تستهدف إحباط جهود الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي وخطواته الدؤوبة لاستكمال إنجاز مراحل التسوية السياسية التي تحقق تقدماً ملموساً وتحظى بتقدير المحيط الإقليمي والدولي على حد سواء ويلتف حولها أبناء الوطن، وذلك في إطار تنفيذ مضامين المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة. وإذا كنا اليوم نعترض على مثل هذه الحملات الإعلامية لدوافعها التي لم تعد خافية على أحد في محاولة إحباط هذه الجهود الوطنية المتواصلة لإنجاز ما تبقى من مرحلة التسوية السياسية ، فإننا في نفس الوقت نشيد بتلك القوى على الساحة الوطنية التي تنخرط في عملية الحوار ، نطالبها كذلك أن تواصل مثابرتها على النحو الذي يساعد في إنجاز هذه العملية السياسية بالتوصل إلى صيغ ضامنة لتحقيق هذا التطلع الذي يعول عليه أبناء الشعب اليمني الشيء الكثير وتحقيق حلم إقامة الدولة اليمنية الحديثة والمتطورة والقائمة على العدل والحرية والشفافية والحكم الرشيد . وفي هذا السياق تأتي خطوة إعلان اعتذار الحكومة لأبناء المحافظات الجنوبية وكذلك أبناء محافظة صعدة عن الحروب التي دارت خلال فترة المنصرمة ..فإن ذلك يعد بمثابة خطوة أولى في إطار المصالحة الوطنية، فضلاً عن ضرورة إيلاء النقاط المتبقية من تلك التي طرحتها اللجنة الفنية للحوار أو الإخوة ممثلي الحراك في الحوار الوطني أمام فخامة الأخ رئيس الجمهورية إزاء عديد من الاستحقاقات الوطنية ، إذ تبقى هذه المسألة مطلوبة وملحة في إطار تعزيز الثقة وتفويت الفرصة على أولئك الذين يراهنون على إحباط التسوية التاريخية التي قدمها اليمن كأنموذج حضاري على صعيد ثورات دول الربيع العربي التي لا يزال بعضها يعيش حمام دم ساخن! وحسب متابعتي المتواضعة فإن ثمة خطوات عملية أنجزت على صعيد إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن واستكمال أعمال اللجان القضائية ذات الصلة بمعالجة مشكلتي الأراضي والمسرحين من وظائفهم في السلكين العسكري والمدني في المحافظات الجنوبية فضلا ً عن إحالة بعض القضايا إلى مجلس الوزراء للعمل على حلها والبحث عن تمويلات لحل الأغلب منها . والأمل يبقى معلقاً على النخب السياسية اليمنية التي يقع عليها –في هذه الفترة التاريخية الدقيقة- أن تواصل عطاءها غير المسبوق ومضاعفة جهودها إلى جانب قيادة الرئيس عبدربه منصور هادي في استكمال إنجاز ملامح هذه التسوية التاريخية وتحقيق الانتصار العظيم في الخروج من براثن هذه الأزمة ،وذلك ليس بالمستحيل على رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. أما أولئك الماكرون واللذين يحاولون تعكير صفو أجواء الحوار وتعطيل مسار التسوية لمصالح ضيقة فسينطبق عليهم قوله سبحانه وتعالي « وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ». رابط المقال على الفيس بوك