رغم الأحداث التي ينبغي أن تتعلم منها القوى السياسية إلا أن بعض القوى السياسية التي لا تمتلك بعداً استراتيجياً بقدر ما تمتلك القدرة على النفاق والإصرار عليه والتركيز على المصالح الحزبية الضيقة ما زالت في غيها وإصرارها على التعامل بروح الإقصاء والتهميش والإضرار بالوحدة الوطنية، وكأن هذه القوى قد امتلكت الكون، وأنها لم تعد بحاجة إلى أحد، وأن اعتمادها على الاستقواء بالخارج بات بالنسبة لها حبل النجاة الذي تتمسك به وتحقق من أجله رغبات المستقوي به في سبيل استمرارها، دون أن تدرك أن من يستمد قوته من غير الله والشعب فإنه لن يثبت لأن إرادة الله أقوى من أي إرادة. إن المرحلة الراهنة من الحياة السياسية الملتهبة تحتاج إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى تشترك فيها كل القوى الوطنية، ولا يجوز الاحتكار والهيمنة والسيطرة واستبعاد الآخرين، لأن الوطن بحاجة ماسة إلى رؤية كلية وجماعية تحقق الرضا والقبول الذي يحقق الأمن والاستقرار ويعزز الوحدة الوطنية لأن الحياة السياسية ليست مجرد متجر معروض للمزاد العلني الهدف منه تحقيق الربحية بأية طريقة و حتى ما انفض المزاد يصبح الفائز به المتحكم الذي يفرض الأرباح التي يراها مناسبة له حتى وإن كانت خيالية. إن من يفكر في السياسة على أنها ربحية الهدف منها استغلال المقدرات وأن الوصول إلى الربحية يبرر له الوسيلة أياً كانت، لا يفقه السياسة مطلقاً ولا يمكن أن يحقق الأمن والاستقرار، لأن الوطن ليس متجراً لتحقيق الأرباح الخاصة، والسياسة علم وفن ومن لا يمتلك العلم والفن في إدارة شئون البلاد لا يمكن أن يستمر، لأن عقلية التاجر محصورة في تحقيق الأرباح الخاصة فقط ولا علاقة لها بالمكونات الأخرى في البلد. إن ما نشاهده اليوم من عبث وتوجه لنهب مقدرات البلاد لا يتجاوز عقلية التاجر الجشع الذي يسعى إلى الاحتكار ومنع الآخرين من الحصول على أرزاقهم، وهذا العمل لا يمت بصلة لعلم السياسة وفن الإدارة فهل يدرك العقلاء خطورة هذا الاتجاه؟ نأمل أن نجد يداً نظيفة تمد يدها لكل القوى الوطنية من أجل أمن واستقرار ووحدة وقوة اليمن الواحد الموحد بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك