ربما لم يدر بخلد رئيس وزراء تركيا (رجب طيب أردوغان) حينما قام برفع أصابع يده الأربعة وضم الإبهام، تعبيرا عن رفضه لفض اعتصام الإخوان المسلمين والمؤيدين للرئيس المصري المعزول (مرسي) في (رابعة العدوية) انه بعمل كهذا يستحضر تأثيرا تركيا عثمانيا طالما ألقى بظلاله على العالمين العربي والإسلامي، وان كان لا يخفي والحركة الإسلامية التي نجحت في الإمساك بتلابيب الحكم في تركيا سعيا حثيثا لاستدعاء المجد التليد للإمبراطورية العثمانية.. الشعار الذي أطلقه أردوغان وسرعان ما انتشر في العالم الإسلامي، لم يكن متفردا على صعيد التأثير التركي، فقبله بآماد بعيدة، ومنذ تأسيس الخلافة العثمانية، أمر مؤسسها عثمان الأول أن يعتلي الهلال مآذن المساجد، واتخاذه رمزا إسلاميا، بعدما رأى في منامه هلالا يمتد من مشرق الأرض إلى مغربها ليشرع في الفتوحات الإسلامية بعدما فسر المؤولون الحلم كدلالة على انتشار الإسلام .. وبعيدا عن رمزية القصة وأسطوريتها إلا أن الهلال بمعية النجمة الخماسية أضحت رمزا إسلاميا. الهلال عند المسلمين لم يتخذ سمته الرمزية إلا منذ ذاك العهد القريب نسبيا، فيما كان سابقا لا يعدو كونه محطة زمنية لمعرفة أوقات الصوم والفطر والحج ودخول الشهر الهجري، وحتى بعد انتشاره، لم يكتسب أيما سمة قدسية، وان كان كثير من غير المسلمين، يعتقدون خطأ، تقديس المسلمين له مثلما يقدس المسيحيون صليبهم، أو كما سبق للوثنيين تقديس هلال (مادونا). الرموز في أغلبها، تتغاير دلالاتها من مجتمع لآخر، فالنجمة الخماسية التي عرفت منذ أزيد من أربعة آلاف سنة، أضحت عند المسلمين رمزا لأركان الإسلام الخمسة، سيما إن كانت خضراء، فيما النجمة الخماسية الحمراء صارت رمزا أثيرا للحركات الثورية الاشتراكية، وهي أيضا رمز الحرب والعنف، ما يفسر انتشارها على الأسلحة العسكرية ، وتزيينها للبزات العسكرية في عديد جيوش عالمية .. والهلال ذاته تتغاير دلالته، فإذا كان الهلال على شكل حرف ( ر) رمزا للمسلمين فإن الهلال المقلوب أو المتخذ لحرف (C) بالانجليزية، صار أحد رموز الحركة الماسونية تماما كالصليب المقلوب، وهو ما لم يتنبه له حكام تركيا ذوي التوجهات الإسلامية حتى الآن، إذ العلم التركي الحديث الذي أمر به السلطان مراد السلف المباشر لآخر سلاطين بني عثمان والذي يحوي هلالا بشكل حرف (c) تتوسطه نجمة حمراء، يكسبه دلالة مغايرة لما هو عليه الهلال (الإسلامي) ولا غرابة أن يكون اعتماده بإيعاز من الحركة الماسونية العالمية، خاصة وان كثيرا من الدراسات تكاد تجزم أن السلطان مراد كان ماسونيا. الشاهد، أن الرموز بطبيعتها ليست مجردة، إنما هي في مقام وحيد تعبير كثيف الدلالة عن أيديولوجية تحاول إعادة كتابة الواقع، وصبغه بسمتها، وتكتسب قوتها من انتشارها وتوحيد مستخدميها في كيان أيديولوجي ووجداني مشترك، كما الحال في شعار رابعة العدوية، الذي يؤشر في الوقت ذاته إلى استمرار التأثير العثماني على مجمل العالم الإسلامي..أو محاولة استدعاء ذلك التأثير. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك