الوقوع في شرك الكتابة عن تعز أو مقاربتها يصيب الكاتب بالحيرة والذهول؛ إنها أشبه بالخبط في عشواء أو التجديف في البحار والمحيطات العميقة أو الدخول في منطقة شائكة, كلما تخلصت من بعض الشوك فيها, فاجأتك بعضها الأخرى؛ ذلك أنه (الكاتب) يحتار في أين يبدأ, تماما كما يحتار في أين ينتهي. أيبدأ من الانفلات الأمني فيها ذاك الذي يحصد أرواح الناس, ويزرع الخوف في أفئدتهم وعروقهم كلما غدوا أو راحوا, أم يبدأ من الانطفاءات الكهربائية, أم انقطاعات المياه, أم من مجاري الصرف الصحي الطافحة والزاكمة للحياة أم من قماماتها المنتشرة في كل أزقتها وشوارعها أم, أم...! تقتات هذه المدينة الحزينة على الوعود والأماني المغلفة بالسخرية والضحك والمسيجة بالشماتة..الشماتة من كل شيء وبكل شيء فيها! ليست تعز اليوم أكثر من سوق بائرة لتباري المسئولين فيها وعنها بالكلام الكثير والممل عما ينوون فعله, بينما تظل هي واضعة كفها على ذقنها من مصيرها هذا الذي آلت إليه. في تاريخ المدينة الطويل والعريق سجل طافح بالإنجازات والمكانة العالية والمتميزة منذ عصور, لعل أخصبها وأكثرها حضورا عصر بني رسول؛ فقد كانت عاصمة لدولتهم المشهودة والمتكئة على مجد عظيم, كما كانت في العصر الحديث عاصمة للأئمة حتى العام 1962م. كما أن موقعها الجغرافي المتميز, كان الرافعة الأساسية التي أكسبتها هذا الدور المهم. كان لهذه المكانة أن تشفع لها لدى الساسة في البلد لأن تنال نصيبا وافرا من العمل الجاد والمخلص, لانتشالها من حالتها الأكثر بؤسا, عوضا عن الكلام الكثير والمخاتل في كثير من الأحيان! أيها المتحدثون باسم المدينة, أيها المسئولون عنها: لا تحتاج منكم مدينتكم أكثر من الصدق, بعيدا عن مصالحكم الضيقة وأنانيتكم المفرطة! رابط المقال على الفيس بوك