الجنوب العربي ومصر علاقات تكاملية وموقف مصري كان ضد الجنوب العربي    مأساة الحصار.. من لينينجراد وعدن إلى غزة تاريخ يعيد نفسه في صمت الإنسانية    الاتحاد الفلسطيني: 8 شهداء من الحركة الرياضية منذ مطلع أغسطس    غدًا.. انطلاق الموسم الكروي للدوري الإنجليزي الممتاز    سماسرة الدواء وثرائهم على حساب المرضى والجرحى وأمراضهم المستعصية    موسكو تكشف أجندة قمّة بوتين ترامب    وزيرا الاقتصاد والنقل يزوران مصنع انتاج الكسارات وخطوط إنتاج الخرسانة    السيد القائد يهاجم صمت زعماء العرب حيال تصريحات نتنياهو    الإفراج عن 34 سجيناً في عمران بمناسبة ذكرى المولد النبوي    وزير الثقافة يطمئن على صحة الممثل المسرحي محمد معيض    تحضيرات مبكرة لاستقبال ذكرى المولد النبوي بامانة العاصمة    استنكار واسع لجريمة مرتزقة العدوان قتل سائق قاطرة في مارب    هيئة الزكاة تخفض دعمها للمستشفى الجمهوري بصنعاء بأكثر من النصف والمستشفى يقلص خدماته الطبية    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تشدد على مضاعفة الجهود الرقابية للحفاظ على استقرار أسعار الصرف    صنعاء .. مرضى السرطان يشكون من انعدام بعض الأصناف الدوائية    "تنمية الشبابية" بالتنسيق مع أوقاف مأرب تختتم المرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمي حلقات القران    السيد القائد: اعلان الحكومة اللبنانية تبني الورقة الامريكية (خيانة للبنان)    مليشيا الحوثي تمنع التعامل بالبطاقة الشخصية الذكية في مناطق سيطرتها    حكومة التغيير والبناء : هذا ما حذر منه السيد القائد !    الانتقالي.. ومعركة كسر العظم    اللواء بن بريك يُعزّي العميد عادل الحالمي بوفاة والدته    مدير عام مديرية قشن يدشن عدد من الدورات التدريبية    من يومياتي في أمريكا .. لحظة إسعاف    سريع يعلن عن عملية عسكرية في فلسطين المحتلة    تدشين توزيع الحقيبة المدرسية لأبناء الفقراء والمحتاجين في مدينتي البيضاء و رداع    الحوثيون يهاجمون المبعوث الأممي ويهددون بإنهاء عمله في اليمن    إنصاف مايو: إجراءات البنك المركزي خطوة مهمة ويجب دعمها بموازنة وإصلاحات شاملة    خبير طقس يتوقع أمطار غزيرة إلى شديدة الغزارة مصحوبة بحبات البرد والبروق والرياح    قيادي حوثي يسطو على شقق سكنية تابعة لأوقاف إب    السامعي بسيطًا مثل الناس، نبيلاً كقضيتهم    في سجون الأمن السياسي بمأرب: وفاة معتقل في اليوم الثالث لسجنه    المقدم بن قصقوص المشقاصي يقدم استقالته من مؤتمر بن حبريش الجامع    قرار استثنائي سيظل كسيحا    عمرو بن حبريش.. من هضبة الوعود إلى هاوية الفشل    من يخرجها من ظلمات الفساد.. من يعيد المسار لجامعة عدن (وثيقة)    إجرام مستوردي الأدوية.. تخفيض أسعار أدوية خرجت من السوق قبل 25عاما    مطار تعز.. مشكلات التعويضات والتوسعة المتعثرة    إيران تعبر إلى نصف نهائي سلة آسيا    تدشين مشروع أتمته الاعمال الإدارية بذمار    "عودة الأسطورة".. سعر ومواصفات هاتف Nokia 6600 5G كاميرا احترافية 108 ميجابكسل وبطارية    «فيفا» يختار الحكمة السعودية ريم في مونديال الصالات    بطولة سينسيناتي.. إيجا إلى ربع النهائي    10 عادات افعلها صباحاً لصحة أمعائك وجهازك الهضمى    باريس يتوج بطلا للسوبر الاوروبي عقب تخطي توتنهام الانجليزي    الرشيد يسحق النور صبر ب14هدفاً في مباراة من طرف واحد    في بطولة " بيسان " تعز 2025 .. -"الاهلي" يتغلب على "التعاون" بثلاثية" تمنحه الصدارة وتعززحظوظه في العبور .؟!    أرقام صادمة وجرائم جسيمة.. عقد من التدمير الحوثي الممنهج للاقتصاد الوطني    تواصل تزيين وإنارة مساجد الحديدة احتفاءً بذكرى المولد النبوي        محافظ ذمار: من يفرّط برسول الله سيفرّط بفلسطين    لكم الله يااهل غزه    القطاع الصحي يستعصي على النظام ويتمرد على تخفيض الأسعار    نيويورك حضرموت    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    جورجينا تعلن موافقتها على الزواج من رونالدو وتثير ضجة على مواقع التواصل    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوجه شرقاً
نشر في الجمهورية يوم 17 - 09 - 2013

مثلما تجمعت بسرعة انزاحت بالسرعة نفسها الغيوم السوداء من سماء سوريا. وكان نذير الصواعق المدوية والعواصف المزمجرة جعل العالم يرتقب مذعوراً أن تمطر السماء صواريخ وقنابل تحرق أرض الشام وتمهّد لتقسيم المنطقة على النحو الذي يقوي مكانة إسرائيل وتسيدها؛ لكن الرياح هبت من موسكو لتزيح السحب بعيداً عن البحر الابيض المتوسط وتذروها فوق المحيط الفسيح الواصل بين أوروبا وأمريكا الشمالية حتى لم يعد يُسمع بعد الموقف الروسي غير رجع صدىً لحشرجات حناجر كفت عن النذير.
كان رئيس الولايات المتحدة وحلفاؤه وأركان حربه قد تعجلوا الحرب لكي ما يباغتوا العالم فلا ينكرن عليهم أحد فعلهم إلا بعد القصف والدوي وبعد الحرائق والخرائب. وبدلاً من أن يهيئوا الرأي العام وقوى التأثير بتصعيد الدعاية بتمهل وروية، تصرفوا على عجل وأعلن أوباما قراره بضرب سوريا بعد يوم أو بعد أسبوع أو بعد شهر على أن يجيء تقرير المفتشين الأمميين وقرار الكونجرس كي يبرر أو لا يبرر عملاً قد حدث بالفعل. والشاهد أنه كان وراء الاستعجال قلق حقيقي بل يقين مؤكد بأن شهادة المحققين لن تمنحهم إذناً بالتصرف.
ومثلما استعجلوا تراجعوا بنفس السرعة، لأن ردود الفعل الروسية التي بدأت هادئة مطمئنة تطورت إلى لهجة صارمة تنبئ بغضب جائح. حرّك الروسيون سفنهم الحربية إلى البحر الأبيض، وذلك أمر يمكن تفهمه ما دامت المنطقة تشهد مقدمات حرب بحسبان أنهم لا يرغبون في أن يكونوا طرفاً فيها. وهم أكدوا بالفعل أنهم لا يرغبون في الدخول بالحرب إلى جانب سوريا لكنهم في كل الأحوال كانوا حاسمين في التأكيد على أن أي حرب بدون قرار من مجلس الأمن هي عدوان غير مقبول على دولة ذات سيادة. ثم أصبح غير المقبول ممنوعاً بتصريح لا يقبل اللبس للرئيس فلاديمير بوتين.
وكانت نية أوباما أن يذهب إلى سان بطرسبورج لحضور قمة العشرين بعد اشتعال الحرب وقد أعطى إشارة الاختبار لإسرائيل كي تطلق صاروخين على أهداف سورية أُسقطا في البحر المتوسط. لقد أسقط الصاروخان بواسطة صواريخ روسية مضادة في رسالة واضحة من موسكو “نحن هنا” ولذلك تكتمت إسرائيل حتى كشفت الأمر وكالة أنباء روسية دون أن تفصح بأن الروس أنفسهم وراء الفعل.
وفي بطرسبورج بدا الرئيس الروسي بوتين مفعماً بالثقة وصارم الملامح مقابل قلق واضح في وجه الرئيس الامريكي والقادة الأوروبيين، ثم حدث اللقاء القصير بين الرئيسين الامريكي والروسي أطلقت بعده المبادرة الروسية التي رحبت بها دمشق على الفور، كما تقبلتها أمريكا والدول الغربية بقبول حسن. وبينما سارعت فرنسا إلى إعداد مشروع قرار يعرض على مجلس الأمن بشأن الأسلحة الكيماوية السورية تحت البند السابع بناء على المبادرة أكدت روسيا رفض مناقشة أي قرار تحت هذا البند ثم تأكد أن موسكو وليس واشنطن أصبحت تمسك بزمام المبادرة من خلال تجاهل مشروع القرار الفرنسي واجتماع وزيري خارجية روسيا وأمريكا في جنيف للاتفاق على ترتيبات ثنائية.
لقد انقذت المبادرة الروسية المنطقة من التقسيم بحسب ما أكد وزير الخارجية المصرية. على أن الحقيقة أنه الموقف الروسي وليست المبادرة التي مثلت في الواقع إنقاذاً للرئيس الامريكي من ورطة أوقع نفسه فيها. وقد مثل هذا التغيير في المشهد إهانة صارخة للرئيس الفرنسي هولاند ورئيس وزراء تركيا أوردوغان ثم إنه شكل ضربة في الصميم لإسرائيل ولجماعة الإخوان المسلمين والقوى الإسلامية الأخرى في المنطقة.
وبمعنى ما فإن إدارة الرئيس بوتين في الأزمة عبرت عن دهاء كبير ومقدرة فائقة وأفسحت مكاناً فسيحاً لروسيا على المسرح الدولي في الحقب المقبلة. والظن الراجح أن إدارة الأزمة بالنحو الذي جرى ستشكل مادة للدراسة في الكليات والمعاهد الاستراتيجية. لكن أهميتها بالنسبة لروسيا أنها ستدفع بالكثير من الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى التوجه شرقاً نحو موسكو وبكين من أجل التحرر شيئاً فشيئاً من غلاظة وفظاظة السياسة الامريكية. وذلك ما أكده وزير الخارجية المصرية بأفصح الكلمات، كما أن روسيا عززت وجودها في البحر المتوسط.
الإخوان أيضاً يرسمون لوحات مزيفة
والحكاية رواها أحد المشتغلين بتجارة اللوحات الفنية في باريس ومضمونها أنه حمل ذات مرة إلى الرسام الاسباني بيكاسو لوحة تحمل توقيعه لكي يستوثق منه إذا ما كانت أصيلة أو مزيفة، فألقى عليها نظرة وأجاب بكلمة واحدة “مزيفة”. وبعد أشهر ذهب إليه بلوحة أخرى عليها توقيعه وأعاد عليه السؤال نفسه وتكررت الإجابة، فصرخ التاجر بأنه رآه بأم عينيه يرسم تلك اللوحة وعلق بيكاسو بغير اكتراث «إنني أحياناً أرسم لوحات مزيفة».
لن آخذ الحكاية بالاتجاه العبقري الذي قصده بيكاسو، وهو أن الفنانين العظام ينجزون أحياناً أعمالاً لا ترقى إلى مستوى ما يتميزون به من إلهام ونبوغ وأصالة إبداع، بل سأنظر إليها من المعنى المباشر للإجابة قبل أن يصيح التاجر في وجه الفنان بأنه قد شاهده متلبساً فعل الابداع، وما سأله إلا للتأكد من صدق إنكار صلته باللوحة السابقة وهاهو يستيقن من أنه يتبرأ من أفعاله.
تصلح هذه الدلالة المباشرة للنظر في سلوك متأصل لدى الإخوان المسلمين مع الفارق الهائل بين فنان عبقري يتملكه شعور بعدم الرضا من بعض أعماله وبين طائفة متشددة تأتي من الأفعال ما يجلب عليها العار ثم تنكر كل الآثام مع أن بصمتها واضحة وتوقيعها فاضح.
اعتراف وحيد أدلى به المرشد العام السادس «مأمون الهضيبي» في حديث بمعرض الكتاب الدولي في القاهرة قال فيه أن الجماعة كانت تتقرب إلى الله بأعمال القتل التي مارستها قبل ثورة يوليو 1952. وبعد أن زلّت لسانه بما يضمر وينكرون عادوا وتنبهوا فمحوه من كل تسجيل حتى اتهم ثروت الخرباوي، العضو السابق في الإخوان، أذنيه وتشكك في سمعه كما يروي في كتابه «سر المعبد» وطال به البحث إلى أن أسعفه أحد معارفه وناوله «تسجيل» لم تصل إليه أيديهم بالإزالة فاستوثق من سلامة سمعه.
وكذلك هم ينكرون أفعالهم ويتنكرون لأقوالهم، وفي تصريحاتهم المهددة بحرق مصر وقيامهم بالأعمال الوحشية منذ سقط حكمهم، تبرأوا من كل لوحات الحرائق والدماء والجثث على الاسفلت والخرائب.
لكنهم في واقع الأمر لا يعرفون قيمة اللوحات الفنية ولا يقدّرون العلم أو يدركون مغزى التاريخ، ففي حمّى غضبهم على ما فقدوا من سلطان أحرقوا بيت محمد حسنين هيكل ومكتبته وفيها أثمن اللوحات تتسلق جداراً من دورين مع ثمانية عشر ألفاً من الكتب وعشرات الآلاف من الوثائق النادرة ومخطوطات تمثل فيما روى هيكل نفسه ظلال تاريخ.. وقد حكى الواقعة في حديث للميس الحديدي مغالباً دمعاً ساخناً أوشك لولا أنه أي هيكل يعرف كم هو فاجع بكاء الرجال.
رابط المقال على الفيس بوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.