أعجب أن القضاة طالبوا بضمان استقلال القضاء في الدولة الجديدة، وهناك من أكد على ذلك في مؤتمر الحوار بضرورة ضمان استقلال القضاء في الدولة المستقبلية ..وكأن القضاء لم يكن مستقلاً في السابق ..وتعالوا معي ننظر في دستور البلاد السابق الفصل الثالث “السلطة القضائية” حيث تقول المادة “149” ما يلي: « القضاء سلطة مستقلة قضائياً ، ومالياً، وإدارياً، والنيابة العامة هيئة من هيئاته، وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات، والجرائم، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم». أكثر من هذا الاستقلال ماذا يريد القضاة ؟ وهل هم عملوا بهذه المادة الدستورية في الفترة السابقة وحتى اليوم أو حتى إصدار الدستور الجديد لدولة المستقبل ..إذاكانوا يشكون ويطالبون باستقلال القضاء والقضاة، والنيابة العامة من عدم استقلالية القضاء والقضاة، والنيابات العامة فمعنى ذلك أن هناك تدخلات وحتى الآن تؤثر على استقلالية القضاء، والقضاة والنيابات العامة... ونحن مع القضاة والقضاء ووكلاء النيابات في أن هناك تدخلات ، لكن من الذي يقبل التدخلات ويعمل بها أليسوا هم القضاة ووكلاء النيابات!! وعليه فمن يسمع التدخلات بالتواصل المباشر، وغير المباشر، ويعمل به، هو الذي فرط باستقلاليته وبتحصينه دستورياً من التدخلات من أي جهة، وبأية صورة، بل إن الدستور وفي نهاية المادة السالفة الذكر تعتبر التدخل في شؤون العدالة جريمة يعاقب عليها القانون ..ومن حق القاضي أو وكيل النيابة أن يستدعي من قام بالتدخل ومساءلته ومعاقبته حسب القانون ..ومما يزيد من الصرامة في ذلك أن المادة “149” وفي نهايتها أكدت على عدم سقوط جريمة التدخل لا تسقط بالتقادم ..فأي استقلال أكثر من ذلك يريده القضاة، ووكلاء النيابات كهيئات من هيئات السلطة القضائية؟!! بعد هذا كله لا مبرر للقضاة في أن يشكوا من التدخلات ..فالعلة ليس في التدخلات لكن في قبول التدخلات والاستماع إليها، والعمل بها ..فكل شكوى القضاة باطلة ..والحق عليهم في القبول بالتدخلات والعمل بها.. وعليه فالقضاة ووكلاء والنيابات هم من فرطوا باستقلالهم، وأضاعوا استقلالهم الذي ضمنه الدستور حسب المادة السالفة الذكر ..وما ضمنته المواد اللاحقة للمادة “149”. وهاهم يطالبون باستقلالية القضاء، والقضاة، ووكلاء النيابة العامة في الدولة المستقبلية الجديدة، مع العلم أن دستور الدولة الجديدة سيضمن ذلك، لكن لن يضمن لكم أكثر مما ضمنه الدستور السابق ..لكن من المفترض أن يكون القضاة ووكلاء النيابات جديرين بالحفاظ على استقلالهم...فاستقلالهم لا أحد يفرط به إلا هم!! وياليت أن يبحثوا، ويدرسوا حول القضاء والقضاة في مصر، وفي تاريخ العديد من القضاة المسلمين وسيحدون النماذج التي تتبع. رابط المقال على الفيس بوك