العلاقة بين المسرح والوسائط المتعددة ليس أمراً جديداً، لكنه الآن يكتسي طابعاً أكثر حيوية، خاصة وأن هذه الوسائط ستُمكّن المسرحيين من امتلاك أدوات تعبيرية فريدة، قياساً بتلك الموروثة من ثوابت المؤثرات اللونية والبصرية المقرونة بالمسرح المألوف. إن ما سيحصل في مسرح المستقبل يذكرنا بما حدث عملياً في عالم السينما، فقد رأينا - وعلى سبيل المثال لا الحصر - كيف تمكّن مخرج فلم traffic من حصد 4 جوائز أوسكار باعتماده الأساس على برنامج لمعالجة الصورة القادمة من كاميرا الفيديو، بحيث تصبح تلك الصورة موازية بقدر ما لكاميرا التصوير الفلمي العتيدة ذات الخصائص الاستثنائية في تكثيف الوحدة الشبكية للصورة المرصودة، مع أهمية إضافية تتعلق بالقدرة الكبيرة على المناورة البصرية، وتقليل التكلفة بصورة جذرية، وبهذا الفعل استطاع مخرج الفلم المذكور أن يكون أول المُبادرين لاستخدام وسيط تقني كومبيوتري جديد، ليعصف بالشريط الفلمي ومتطلباته المادية والزمنية المعقدة. حدث هذا أيضاً في الفلم الملحمي عن سقوط الامبراطورية الرومانية بعنوان “المُصارع”، حيث استطاع المخرج تضعيف أعداد الجيش الروماني باستخدام برنامج خاص، أصبح فيما بعد مُتاحاً في عديد من الأفلام، وأشهرها فلم “طروادة” الملحمي في نسخته الجديدة المتجددة. كما رأينا درجة الإمعان في استخدام تقنيات الكومبيوتر والوسائط المتعددة في فلم “أفاتا” المسافر في أقاليم الجغرافيا التقنية الذكية الأكثر تطوراً . ما حدث في السينما على نطاق واسع حدث في المسرح بطرق مُتعددة، وأذكر في هذ الباب ذلك العرض المسرحي الفرنسي الذي قُدّم في “قصر الثقافة” بالشارقة قبل سنين مضت، واعتمد إلى حد كبير على بعض تقنيات الوسائط لينقلنا إلى مستويات أداء لم يكن بوسع أي مخرج أن يحلم بها بدون هذه التقنيات. هذا ما تعد به الوسائط الرقمية المتعددة الجديدة والذكية، وذلك هو التحدي الماثل أمام المسرح العربي المُطالب بانزياحات مفاهيمية ومهاراتية، بل بمغامرات إنتاج جديد كما فعلت “بوليوود” الهندية بالرغم من تواضع الوسائل المادية قياساً بهوليوود الأمريكية . [email protected]