( تدحرج الخاتم على الأرض وسمعت طنينه يبتعد عنّي رويداً رويداً..وأنا أمشي بخطى واسعة مبتعداً عنه من دون أن ألتفت إلى الخلف . التقطت الخاتم شابة ترتدي نظارة حمراء كبيرة , نظرت إليه بتمعّن وتمتمت : - يالهذا الخاتم العجيب ! ثم وضعته في إصبعها ومشت نحو مكتب حجز تذاكر السفر , توقفت أمام شاب وسيم , أخرجت جواز سفرها ومدته للشاب , أمعن في الجواز ثم قال مبتسماً لها : - آنسة ترادويل جوهان ميشيل فاجنر .. إلى أين رحلتك ؟ أدرات رأسها إلى الخلف وراحت تحدّق بشاب يقف في طابور آخر..وتمتمت : - اليمن !! ) * لم تعد تلك التمتمة مجرّد هاجس تأريخي يدفع بالأحفاد لتقمّص حالة الشرود في حكايا الماضي .. إذ أصبحت وأمست حالة شعوريّة ولا شعوريّة تتلبّس خطاهم الأبعد من حلم .. والأقصر من واقع . تعددت الشخوص المفزعة .. وأمكنة الذعر .. وأزمنة الخيبة والتوجّس في الرواية الجديدة للمبدع اليمني القاص والروائي ياسر عبدالباقي ، غير أنّ الشرّ المجهول المعلوم بقي ثابتاً كما هو .. يوقّع جرائمه بذات الطريقة الموحّدة .. الخاتم . ثمّ إنّ « الرابط » بين الأمكنة والشخوص – الخاتم مجازاً – ودوافع الشرّ وتداعيات الإنتقام رغم الإيجابيّة الوقتيّة المتمثلة في القدرة الخارقة والإحساس بالمتعة الجامحة .. إلا أنّ ذلك يُشكّل قلقاً دائماً .. وانفعالات سلبيّة يتأثّر بها الآخر أكثر من المسكون بحُمّى الفجيعة . فهل يمكننا أن نجازف ونقول بأنّ الوحدة اليمنية ( الخاتم) هي لعنة اليمنيين وطوق نجاتهم في آن؟ إذ لم تُجدي كل محاولات بطل الرواية ( فارس) في التخلّص من الخاتم .. أو الفكاك من جاذبيته التي تفوق إرادة البطل .. لكنها ستبقى تلك اللعنة التي سترافق مستقبله بكلّ هواجسه التي ابتدأت حقيقتها في اللحظة التي ظنّ أنّه تخلّص من لعنته الأزليّة . * المشهد الأخير من رواية “ ترادويل” [email protected] رابط المقال على الفيس بوك