لا مجالَ للتطويل وإضاعة الفرصة الأخيرة للخروج من أزماتنا المزمِنة والمتفاقمة، بالاتفاق على الخطوط العريضة التي من شأنها إرساء حالة من الاستقرار السياسي، والبدء بعدها فورا في تجنب مشكلات الفقر والمجاعة و ما ينتج عنها من تفكك وحروب. فلا أحد يستطيع التنبؤ بمصيرنا كبشر يسكنون هذا الجزء من الكرة الأرضية في ظل تمسك قوى سياسية واجتماعية بمصالحها الذاتية واستمراء العناد الذي ينذر استمراره بكوارث قادمة لا قدَّر الله ستطالهم قبل الجميع. تجهل تلك القوى تقييم الوضع اليمني، فهي غير متصلة بواقع الناس بقدر اتصالها بمصالحها المباشرة، وأجزم أنها لا تقرأ التقارير المحلية والدولية عن سوء الوضع اليمني، ولا تأبه للمؤشرات الاقتصادية وقبلها الحالة المعنوية المنهكة للناس بسبب سلوكهم المستهتر الموجه بالدرجة الأولى للسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية وخلق حالة من الاضطراب واللا يقين وبالتالي يستهدف حياتهم الآمنة وعيشهم الكريم. سيكون من الأفيد نشر جزء من تقرير برنامج الغذاء العالمي حول الأمن الغذائي في اليمن، لا أظن أن هذه التقارير ستكبح جماح القوى الأنانية التي تسير باليمن وفق أهوائها، بقدر ما ستزيد من مخاوفنا على مصير بلد يتآكله بنوه بجَشعْ.. يظهر التقرير أن “المسح الشامل للأمن الغذائي الذي أجراه في العام 2012 أن أكثر من عشرة ملايين يمني، يعانون من انعدام الأمن الغذائي بينهم خمسة ملايين ما يعادل 22 % من السكان غير قادرين على إنتاج أو شراء الغذاء الذي يحتاجون إليه، مضيفا أن معدل السكان الذين يعيشون على أقل من دولارين في اليوم يقارب النصف بنسبة 45 % . ويختم البرنامج أرقامه بخطة عملية وصفها بالضخمة تكلفتها 249 مليون دولار سيستفيد منها 5 ملايين يمني لمواجهة الأزمة الإنسانية، والمساعدة في تهيئة الظروف التي تؤدي لمصالحة سياسة. يثبت الواقع أننا لا نريد مساعدة أنفسنا، فالعالم الذي يرسل نداءات دائمة تحذير من وضع اليمن يقابله لا مبالاة من أبنائه... اتضح مؤخرا، أن علي عبد الله صالح مُهتم بقانون العزل السياسي، ومشاريعه الخاصة وإن كانت عامة، أكثر من اهتمامه بإتاحة فرصة حقيقية لليمنيين بتحديد مستقبلهم دون هوسه بالظهور لإبقاء حالة الانقسام في المجتمع لصالح إرثه السياسي الهزيل. ويتشابه معه عبد الملك الحوثي الحريص على أحقيته في الولاية، وموقعه في الحكم والوظائف العامة، وإخلاء صعدة من المخالفين له.. وتأمين أكثر من سيناريو لتحقيق المكاسِب. أكثر من حرصه على العيش المشترك مع اليمنيين في مستقبل لا يثقله الماضي والصراعات العبثية المدفوعة بحالة غرور واستعلاء مدعمة بالدين في تناقض البدايات غير الناضجة. وتجر الحالتان معها أطرافا مُقابِلة، أحوج ما تكون لامتلاك رؤية مستقبلية وطنية، برنامج شامل لمواجهة كل هذه الفوضى دون الاكتفاء بشرف المحاولة. يؤجل اليمنيون أحلامهم دعما للحوار وانتظاراً لنتائجه، مازال الأمل أن يكون المتحاورون بقدر المسئولية للانتقال إلى دولة تعيد للإنسان اليمني اعتباره قائماً. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك