للمرة الثانية على التوالي تتكفل الجزائر بحفظ ماء وجه العرب وتتأهل إلى مونديال البرازيل كممثل وحيد ل 22 بلداً وأكثر من ثلاثمائة مواطن عربي، وبطبيعة الحال هذا هو التأهل الرابع للجزائر لنهائيات كأس العالم. وبالتالي أصبح لزاماً على جامعة الدول العربية أن تتبنى حملة حشد الدعم والتمويل من كل الدول العربية للتحضيرات القادمة للمنتخب الجزائري وحتى انتهاء بطولة كأس العالم في البرازيل صيف العام القادم 2014, هذا في حال لم تخجل القيادات العربية من نفسها وتبادر لتقديم هكذا دعم قبل أن يكون هناك دعوة أو حملة من جانب الجامعة العربية. والرسالة الهامة الثانية التي قدمها المنتخب الجزائري هو أنه استطاع بلوغ المونديال قبل المنتخب الفرنسي الذي كان قاب قوسين من الخروج لولا أن الحظ لعب لعبته مع فريق الديوك, فضلاً عن أنه لولا هدف الفرنسي من أصول جزائرية كريم بن زيمة لكانت تساوت كفتا المنتخبين الفرنسي والأوكراني وذهبا إلى أشواط إضافية وركلات ترجيح قد لا تحمد عقباها.. ومن هنا فقد كان هناك انتصار جزائري بمذاق تاريخي. ومسألة أن يكون محاربو الصحراء هم الفريق العربي الوحيد المتواجد في نهائيات كأس العالم لنسختين متتاليتين في 2010 و2014 فذلك يعني أن الجزائر تعيش وضعاً سياسياً واقتصادياً وأمنياً أفضل من كثير من الدول العربية حيث أثبتت الأحداث فيما مضى أن الأوضاع السيئة تنعكس سلباً على الرياضة في أي بلد من البلدان. والمعروف أنه حين دخلت الجزائر مطلع تسعينيات القرن الماضي نفق ما سُمّي ب «العشرية السوداء» وما رافقها من أعمال إرهابية وأحداث دموية مؤسفة فإن ذلك قد انعكس سلبياً على مختلف مناحي الحياة في هذا البلد العربي الشامخ ولم تكن الرياضة استثناء فشهدنا اختفاء نجوم الجزائر عن منصات التتويج وتواري المنتخبات الجزائرية عن البطولات والمنافسات وكان المنتخب الجزائري لكرة القدم يغادر التصفيات القارية والدولية من أدوارها التمهيدية. أما حين تولى مقاليد السلطة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عام 1999 وهو شخصية تاريخية محورية فقد بدأت يومها عملية إعادة الاستقرار وتدشين مرحلة المصالحة الوطنية والوئام المدني, وشيئاً فشيئاً استعاد كل شيء في الجزائر عافيته. وإذا ما استثنينا إنجاز الجزائر فإن الوقوف أمام حالة الإخفاق الجماعي للمنتخبات العربية سواء الأفريقية أو الآسيوية فإن ذلك يجعلنا نعترف أن هذا الأمر هو انعكاس لحالة التردي والاضمحلال العربي ورغم تفاوت الإمكانيات بين بلدان عربية فقيرة وبلدان عربية غنية وتنفق بسخاء على الرياضة فإن ما يلتقي عنده جميع العرب هو غياب التخطيط وعدم وجود سياسات واستراتيجيات بناءة وفق أسس علمية سليمة. هناك من يعتقد أن الحديث عن الرياضة مجاله الصفحات الرياضية, في حين أن الواقع يثبت أن الرياضة وهذا الهوان الرياضي العربي هو انعكاس للهوان السياسي وحالة التخلف الذي قد يبدو مقنعاً لدى أصحاب الثروات لكن تكشفه الممارسات والنتائج. رابط المقال على الفيس بوك