في النظم الديمقراطية, تتقيد سلطة التشريع بسمو الدستور, وتختص المحكمة الدستورية بالفصل في دستورية التشريعات الصادرة عن المجلس النيابي وبالتالي فالمرجعية العليا للدستور, وحاكمية هذه المرجعية متعنية في المحكمة الدستورية, ومع المحكمة هناك رقابة على السلطة التشريعية, أهمها: إقامة الأحزاب السياسية, والرأي العام. فإذا اشترط الدستور عدم مخالفة الشريعة في القوانين والتشريعات الصادرة عن سلطة التشريع, كانت هذه الشرطية مرجعية عليا لسمو مبدأ الدستور, وكانت سلطتها منعقدة في القضاء الدستوري, وحاكميتها معززة بالرقابة الشعبية والحزبية، وحق الاعتراض السلمي بكل الوسائل المتاحة من تظاهر واعتصامات وإضرابات تصل إلى العصيان المدني وحق إسقاط السلطة التشريعية بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، إذا لم يحكم القضاء بعدم دستورية أي تشريع واضح من مخالفته للشريعة. هنا, بإمكان الأخ عبدالمجيد الزنداني صناعة المرجعية المقيدة لسلطة التشريع بالنص الدستوري على موافقة التشريعات للشريعة, وبإمكانه بعد ذلك, بناء سلطة هذه المرجعية في القضاء الدستوري, وأدواتها الرقابية في الأحزاب وقوى الرأي العام, وبهذا يضمن مرجعية الشرعية, ويقيم سلطانها في الدستور والسلطان, وفي المجتمع وقياداته السياسية والوطنية. لكن الأخ عبدالمجيد, منذ أكثر من ثلاثة أعوام, يثير بين الفينة و الأخرى, مرجعية الشرعية, وحصرها حقاً فيمن يسميهم العلماء, دون أن يبين بنية هذه المرجعية ووظيفتها في اطار النظام العام, ودستور الدولة, ومؤسسات السلطة, فهو لا يشير صراحة إلى مبدأ دستوري واضح في تحديد هيئة وهوية هؤلاء العلماء, ولا يبين موقعهم وسلطتهم في مؤسسة الحكم, ولا يعين ما اذا كانوا هيئة داخل سلطة التشريع أو سلطة أعلى من السلطة التشريعية والسلطة القضائية. بإمكان الأخ الزنداني, أن يطمئن على مكانة ودور دعاة الإسلام وحماة شرعيته, فبإمكان هؤلاء الوصول إلى مجلس النواب وضمان مرجعية الشرعية في تشريعات السلطة التشريعية ومن داخلها, وبإمكانهم الوصول إلى السلطة القضائية, والمحكمة الدستورية, كما بإمكانهم قيادة الأحزاب كساسة, أو قيادة الرأي العام كوعاظ ودعاة, وبهذا لا خوف على الشريعة ولا على دعاتها وأنصارها. ربما نستنتج من رؤية الزنداني لمرجعية العلماء, هو إسناد الفصل في موافقة الشريعة, من عدمه إلى هؤلاء أو هيئة تمثلهم بحيث يكون لهذه الهيئة سلطة فوق السلطات لا يخالفها أحد, ولا يعارض رأيها أحد, وهنا تكون المرجعية تألهاً وفرعونية لا محل لها في شرع أو عرف. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك