عاش الجزء الجنوبي من اليمن 139 عاماً مكبلاً بأغلال الاستعمار البريطاني بعد أن استطاع احتلاله إثر مقاومة عنيفة من قبل المواطنين والذين لم يستطيعون إيقافه نظراً لاختلال موازين القوة بين الطرفين ، استطاع الاستعمار احتلال مدينة عدن والتي كان يرى فيها المنطقة الأنسب لبناء قاعدة عسكرية فيها تكون قادرة على إضفاء وقمع كل حركات التحرر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا علاوة على أن عدن تحتضن الميناء الذي يعتبر من أهم الموانئ العالمية حيث كان يمثل الميناء الثالث على مستوى العالم نظراً لأهمية موقعه الملاحي في نقل التجارة إلى الهند وأفريقيا والكثير من المستعمرات البريطانية وخلال فترة الاستعمار الطويلة على هذا الجزء من اليمن لم يكن الشعب مستكيناً ولا متراخياً إزاء ما أصابهم من وباء الاستعمار فتحركت كل مكونات الشعب من صيادين وعمال وفلاحين فأخذوا يقارعون الاستعمار بكل ما يمتلكون من وسائل المقاومة فكانت انتفاضات الصيادين والعمال والفلاحين وكانت المظاهرات التي شاركت فيها كل شرائح المجتمع رفضاً منها للواقع الذي فرضه الاستعمار عليهم والذي كان يمثل روح التخلف والحرمان لا تعليم لا صحة ولا طرق والكثير من اللاءات الأخرى ليس هناك أي مظهر من مظاهر النمو والتطور عدى مدينة عدن التي كان لها نصيب نسبي من البنية التحتية دخل إليها التعليم ولو أنه كان يخدم سياسة الاستعمار كما بنيت العديد من المرافق الصحية والشوارع المسفلتة وأدخلت إليها الإدارة الحديثة نظراً لأهمية علاقاتها التجارية مع عديد من البلدان التي كانت عدن ممراً لتجارتها، ومع كل ذلك فإن رفض الشعب للواقع الذي يعيشه فقد استطاع أن يطور من وسائل كفاحه المختلفة فكان العصيان المدني والكفاح المسلح والذي جعل الاستعمار يرى أن الطلقة الأولى التي انطلقت من جبال ردفان هي إيذاناً بنهايته وبقائه وأفوله عن الأرض التي اغتصبها بقوة السلاح والمكر والخداع .. ولهذا فإن الرابع عشر من أكتوبر هو التاريخ الذي استطاع أن يدخل الشطر الجنوبي من الوطن منعطفاً جديداً وهاماً حيث كان للثورة التي ابتدأت بطلقة إعلان لبدأ الثورة ليمتد لهيبها وسعيرها إلى كل مناطق الجنوب المحتل فكان الشعب كله هو الحاضن والمعين لجحافل الثوار والذي أمدّهم بكل وسائل النصر، فمنذ العام 63، في ال14 من أكتوبر وحتى العام 67م في الثلاثين من نوفمبر يوم الاستقلال الناجز كانت كل مناطق الجنوب الشعلة والزلزال الذي هز أركان الاستعمار وجعله يستسلم لإرادة الشعب في الحرية والاستقلال وها نحن اليوم نعيش الذكرى ال46 لعيد الاستقلال نتمنى على الأجيال اللاحقة والتي لم تعاصر مرحلة الثورة والنضال أن تعي وتدرك تماماً أن الثلاثين من نوفمبر له دلالته الوطنية وأنه لن يتحقق فيه النصر وجلاء الاستعمار إلا بعد أن قدم الآباء من المناضلين التضحيات الجسام وراح منهم الآلاف لنصل من خلالهم إلى هذا اليوم الوطني العظيم. رابط المقال على الفيس بوك