الالتزام الطوعي بالقوانين والأنظمه من قبل الأفراد والمجتمعات يقوم على الوعي بتلك القوانين وعلى القناعة في تلبيتها لاحتياجاتهم من العدل والانصاف والحرية .. وفي المجتمعات الديمقراطيه تعتبر سيادة القانون شرطاً أساسياً لنجاح التطبيق الديمقراطي سواء من حيث الأسس والمنطلقات ، أو من حيث الاجراءات .. وتنعكس ثقافة الالتزام بالقوانين والأنظمه على واقع الحياة فتحسّن شروطها وتوفر المناخات الملائمه للارتقاء بقيم المواطنة المتساوية وتوضيح الحدود بين الحقوق والواجبات سواء على مستوى مؤسسات الدولة وسلطاتها .. أو على مستوى العلاقة بين الافراد في إطار الأسرة ، الحي ، المجتمع ، الدولة ككل .. ومن أجل مجتمع ملتزم بالقوانين والأنظمة تلعب النخبة المثقفة ، ووسائل الاعلام ، والمؤسسات الابداعية الثقافية والفكرية دوراً هاماً في تنمية الوعي القانوني والتشريعي .. وإعلاء قيم الالتزام بالقوانين الذي به تتحدد معايير المواطن الصالح ، أو المواطن الخارج عن القانون .. إن نشر قيم الاحترام للقانون يعني نشر قيم الحكم الرشيد ، ومحاربة قيم الفوضى والفساد ، والانحراف ، والاستبداد والعنف والارهاب .. حين يسود الالتزام بالقانون تصبح حركة المجتمع في ايقاع متناغم حيث يتحرّك كل عنصر فيه من وعي لطبيعة دوره ، إختصاصه .. موقعه الفاعل في خدمة مجتمعه ، والتصدي للانحرافات .. ومحاربة الجريمة المنظمة .. وحيث يدرك كل فرد حدود حريته وحرية الآخرين. مجرد وجود وزارة للشئون القانونية ليس معياراً كافياً لإطلاق صفة الالتزام أو الاحترام للقانون .. وكذلك الحال وجود وزارة حقوق إنسان لا يعني أن هناك احتراماً لحقوق الإنسان .. ذلك أن الالتزام بالقانون واحترام حقوق الإنسان لابد أن يتحوّل إلى ثقافة وسلوك في علاقات المجتمع «مؤسسات ، وأفراد» .. وطالما أن القوانين تحدّد أن لكل مؤسسة شخصية اعتباريه فهي تمتلك من اللوائح والأنظمة ما يساعد على قيامها بواجبها وتنفيذ الأهداف التي أنشئت من أجلها .. كما تحدد العلاقة بين المستويات الإدارية القيادية والقاعدية المختلفة .. كلما تمأسست الدولة ، وتوفرت معايير التمأسس فيها تكون أكثر قرباً من سيادة القانون ، ومن الحكم الرشيد وبالتالي تتوفر فيها شروط قيام ديمقراطية نزيهة بكل ما في الكلمة من معنى . إن إعلاء قيم احترام القانون وتحويلها إلى ثقافة يعني في الوقت ذاته نقد وتحطيم قيم الفوضى والعشوائية .. ونسف شبكة التكوينات المعادية للنظام والمولدة للجريمة.. مثل هذه الثقافه لتترسّخ يوماً بعد يوم هي بحاجة إلى تفاعل المجتمع بشكل أكبر مع عملية التطور .. وفي الوقت ذاته التحديث المستمر للنظم والقوانين بما يتواكب مع تطورات العصر واحتياجات الإنسان في التنمية والتقدم .. والأمن والاستقرار .. كما يتطلب النهوض بدور الأجهزة المعنية بإنفاذ القوانين ، وتحقيق سيادة القانون .. وفي مقدمتها «القضاء ، النيابات ، أجهزة الشرطة والأمن».. بالإضافه إلى تفعيل دور الإعلام والصحافة في التوعية القانونيه سواء من خلال البرامج ، أو من خلال الدراما التي تجعل القانون هو المنتصر على الجريمة ، وتظهر الشخص الملتزم بالقانون بأنه هو الشخص المحترم والناجح فعلاً.. في المجتمع الديمقراطي تسود القناعة الكامله بأهمية الاحتكام إلى القانون كرغبة، وحاجة معاً وليس لمجرد الخوف من عقاب مخالفته وتصبح ثقافة احترام القانون هي ثقافة الحاضر والمستقبل.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك