ثمة تماهٍ إلى حد التطابق بين الجماعة الإرهابية التي هاجمت مستشفى العُرضى في مقر وزارة الدفاع بصنعاء وجماعة أخرى ظهرت منذ أمد سحيق في الجبال الوعرة لإيران، هي جماعة الحشّاشين، وهو تماهٍ في البنية والوسائل والغايات الدموية، وكأنما الجماعتان خرجتا من الرحم المظلم القاسي للجحيم. كان الحسن الصباح ومنذ القرن الحادي عشر الميلادي قد أنشأ جماعة دموية وصفت لاحقاً ب «الحشّاشين» لنشر دعوته الدينية المتطرّفة، وكانت أداته في السيطرة على أتباعه نبتة مخدّرة «الحشيش» تجعل متعاطيها في حالة نشوة يشعر معها كما لو أنه في رياض الجنة وبين الحور العين، وبعدما يوعز الحسن الصباح لأتباعه بأن هذه لا سواها هي الجنة التي سيذهبون إليها بعد موتهم، كانت تلك الشرذمة الإجرامية تنطلق في قتل الأبرياء دونما رحمة ولا شفقة، حتى وصل بها الأمر إلى اغتيال عديد شخصيات مهمة كالوزير السلجوقي من نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد، ومنذ ذاك الزمن الغابر لم يشهد التاريخ ندّاً لها في ولعها بدماء الأبرياء حتى كان حادث مجمع الدفاع والهجوم على مستشفى العُرضى بداية ديسمبر الحالي. ما حدث في مستشفى العُرضي من جريمة دنيئة بثّت بعضاً من صورها البشعة فضائية «اليمن» الخميس الفائت تظهر كما لو أن جماعة الحشّاشين بُعثت من جديد، فحالة البلادة والبرود والخطى البطيئة المتثاقلة لتلك الثلّة الإجرامية وهي تقتل دونما هوادة المرضى والأطباء والممرضات، النساء والأطفال، لا يمكن تفسيرها سوى بكون مرتكبيها تحت تأثير عقاقير مخدّرة تُذهب بالعقل وتنزع الرحمة من القلب لتزرع عوضاً عنها قسوة كأنما قُدّت من قعر الجحيم ذاته، وهي عقاقير يعرفها تماماً ممولو الإرهابيين ومستخدموهم لتحويلهم إلى كائنات آلية خرقاء تشابه ما هو عليه حال الأحياء/الأموات «الزومبي» في الأفلام الأمريكية حينما يُبعث الأموات لينطلقوا وقد تجرّدوا من سماتهم الإنسانية في نهش لحوم البشر بخطوات آلية رتيبة وبدم أبرد من ثلوج الجبال. وفي مقطع فيديو لأحد أولئك الإرهابيين ممن اشتركوا في مجزرة العُرضي الرهيبة جرى تداوله على الشبكة العنكبوتية، لا يملك المرء إلا أن يُصاب بالغثيان والتقزُّز وهو يستمع إليه ينشد الجنة والرضوان من الله، تماماً كما كان يتوّهم «الحشاشون» من أن الجنة لا جهنم هي مآل المجرمين وشذّاذ الآفاق، غير أن أكثر ما يصيب المرء بالذهول ويجعل الفم مشدوها هو أن هذا الكيان البائس كان يتوجّه في أكثر حديثه إلى أمّه، يبثها حبّه وأشواقه ويطلب منها السماح، فكيف لإنسان خرج من رحم امرأة أن يأتي ما فعل إن لم تكن روح الشيطان ذاته قد تلبّسته ونزعت عنه كل سمة بشرية سوية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك