تتفق قوانين الأرض وشرائع السماء على مقاومة احتلال الغزاة لأراضي الغير، وتتفق على مشروعية مقاومة القهر والبغي والتسلط الاستكباري الظالم على المستضعفين، أيا كان جنس الظالم وأيا كانت صفة المظلوم .. هذه المسألة من المسائل التي "لا ينتطح فيها عنزان" كما تقول العرب.. *** غير أننا نتأمل في المسالك المريبة لمجموعة المرابين والمتاجرين بدماء وأرواح البشر، الذين يتخفون في أقبيتهم، ويريدون أن يبلغوا الناس أنهم موجودون، من خلال استئجار أبناء المستضعفين بغرض تفجيرهم وتمزيق أشلائهم في المواكب العبثية، التي شهدنا سلسلة منها في بلادنا اليمن، وشهدنا مثيلات لها في بلدان أخرى.. *** عندما تغيب الغاية المشروعة الناضجة والفكر الطاهر النقي لدى بعض الناس ويغيب الورع، تتحول العقيدة إلى نوع من المقامرة والعبث بالمال والسلاح والأرواح، وكل هذه الطرق الخرقاء في السلوك تمنحنا اليقين بصحة القول ان هذه العصابات المخادعة المسلحة، أصبحت تتمول من تجارة المخدرات، وتمول نشاطاتها العبثية بها تحت دعوى "العمل الجهادي الإسلامي". *** هذا الأمر لو لم تكشف عنه المعلومات الاستخبارية والأمنية لأمكن التنبؤ به، وتقديره من قبل أي متتبع لشؤون هذه العصابات المسلحة .. لسنا ممن يطلق كلمة إرهاب وإرهابيين جزافا على أحد، ولكن أيضا لا يمكننا أن نعتقد أن مثل هذه العمليات التي شهدتها بلادنا من قبل قوى تتستر باسم الإسلام يمكن أن تقوم بها أو ترعاها غير عصابات استخبارية صهيونية مستأجرة، تعبث بأخلاق وقيم الناس، وتشتري بمال المخدرات عقول شباب أبرياء لتمنحهم صكوكاً للجنة مقابل ما تملأ به بطونهم لبضع أسابيع، وهي تقوم بغسل أدمغتهم قبل أن ترمي بهم إلى الجحيم. *** الغريب أنك لا تعثر على اسم قريب لأحد من القادة الذين يحركون هذه الدمى البشرية، وكأنهم وقراباتهم زاهدون في الجنة التي يدعون إليها الناس البسطاء.. فلم نعثر بين الأشلاء المتفجرة على أحد له علاقة قرابة حتى من الدرجة الثالثة مع أحد من قيادات القاعدة الأولى والثانية والثالثة.. فلماذا يختبئ القادة الداعون إلى الجنة والاستشهاد في مخابئهم، ويخرجون البسطاء المعدمين من بيوتهم ليعودوا الى أمهاتهم أشلاء؟!!.. لماذا لا يسارعون هم إلى الجنة إن كانوا على يقين منها بدل الهروب والتمترس بالبسطاء من عباد الله؟!! . *** هذا في جانب وفي جانب آخر لماذا نفرق بين قاتل وقاتل أو ارهابي وإرهابي كما يصطلحون على التسمية؟!!.. لماذا عندما يكون الهدف من أي عمل إرهابي أو دموي غربياً يسمون القائم باستهدافه "إرهابيا" وبغير تردد، ونردد معهم نفس القول وعندما يكون الهدف غير غربي يتريث الغربيون في التسمية ونتريث نحن معهم؟!!. لماذا حين تكون هناك نية مجرد نية لاستهداف أمريكا في عقر دارها نسمي النية عملا إرهابيا، وعندما يكون هناك عمل دموي واضح وصريح داخل دولة كدولتنا- وليس مجرد نية- يقتل فيه الناس ويذبحون وتمثل بجثثهم يتحذلق الغربيون في تسميتها ونتابعهم نحن..؟!! لماذا عندما يوجد عمل يهدف إلى إيذاء أمريكا أو بريطانيا أو غيرها من دول الغرب أو مواطنيهم حتى بحذاء، نصرخ مع الجميع هذا إرهاب، وتقوم الدنيا ولا تقعد لمحاربته وتتبع خيوطه، وعندما يكون المستهدف دولة من دول العرب والمسلمين.. وعندما تحشد فيها الميليشيات المتمردة والجيوش والدبابات والصواريخ والمدرعات، يتلطف الغرب ويتمهل في إدانة هذا العمل، ويدعو إلى ضبط النفس، ويلين الكلام في التعبير عنه، ونتواطأ معهم نحن ونوافقهم عليه، كأنما قدرنا هو أن نلغي عقولنا لأجلهم .. *** معايير مزدوجة نتمنى أن نجد من يقنعنا من دول الغرب بأنها مقبولة بمنطق العقل والتمييز الآدميين .. فإن لم نجد فنتمنى ألا نتابعهم عليها نحن العر ب والمسلمين حكاما ومحكومين في كل حال.