البُعد الذهني لمفهوم الدولة لدى بعض القوى السياسية لايتجاوز مفهوم المصلحة الخاصة جداً والسبب في ذلك القصور هو انعدام الطموح والرغبة في محاكاة الغير وعدم الاستعداد لإعطاء الوطن حقه من الوفاء والتضحية من أجل جعله كبيراً وقادراً، كما أن محاولات تقليد الآخرين من الذين قبلوا على أنفسهم أن يكونوا ضعافاً وتحت سيطرة الاستعمار المباشر دليل قطعي على الشعور بالنقص والرغبة في الانكسار ،الأمر الذي جعل من ذلك البعض أداة طيّعة تسيّر من قبل أعداء اليمن مستغلاً ذلك الانكسار لتنفيذ التشظي الذي يكسر شوكة أبناء اليمن ويلغي أمجاد تاريخهم الحضاري المشرق. لقد تابعت أطروحات بعض القوى السياسية في الحوار الوطني ولم يكن أمامي غير إدراك أن تلك القوى لا تشعر بعظمة الوحدة اليمنية وقوة الإرادة الواحدة لليمن والدولة اليمنية الواحدة والقادرة والمقتدرة بسبب ضعف النفس وانهزامها أمام الاغراءات المزعومة التي تزيّنها قوى تكنّ الحقد لليمن، ولم تستطع القوى السياسية الواقعة تحت تأثيرها أن تتحرّر من سطوة ذلك التأثير الذي يقودها إلى المجهول الذي يحقق رغبات أعداء اليمن. إن الوقوف أمام التصرفات العبثية لبعض القوى يعطي مؤشراً على أن تلك القوى لم تعد قادرة على استيعاب المتغيرات العالمية والمحلية لأنها فرضت على نفسها الاستسلام للإملاءات التي تدفع نحو التشظي وغاب من حسابها مفهوم قوة الدولة وعناصر أمنها القومي التي تحقق مفهوم السيادة المطلقة، وباتت محاكاة التجزئة هي المحرك الذهني لتلك القوى وجعلها تسبح في عالم الأوهام والخيالات وتحاكي الغير دون أن تدرك أن ذلك الغير الذي تحاكيه لايمتلك إرادته. إننا أمام حالة أصابها الشرود الذهني وأثّر عليها مظهر العبث وغاب عنها الحس الوطني الطموح الذي يجعل من اليمن قوة تحمي سيادتها وإرادتها الحرة والمستقلة، ومن أجل ذلك كان المطلوب هو العمل على تحريك الشرود الذهني والعودة إلى التفكير في قوة الدولة وكرامة الإنسان اليمني التي لاتتحقق إلا في ظل دولة واحدة موحدة تحمي كيان اليمن الواحد والموحد بإذن الله.