فراغ وشلل تام أدخل جامعة تعز في العناية المركزة، فساد ينخر في عظامها، بنية تحتية شبه معدومة، حالة من الفوضى والتسيب والإهمال الإداري، شللية قاتلة ومقيتة، حزبية تطحن الكل، حركة طلابية مضروبة في الصميم، كان هذا قبل ثورة الحادي عشر من فبراير 2011 السلمية وخلالها وما بعدها، فراغ إداري كان قائماً خصوصاً بعد الاعتداء على رئيس الجامعة السابق، الأستاذ الدكتور محمد الصوفي من قبل أفراد الحرس الجمهوري في داخل مكتبه، إضرابات طلابية ومظاهرات نتيجة لتردي أوضاع الجامعة والمؤامرات. تعيين الأستاذ الدكتور محمد الشعيبي حينها كقائم بأعمال رئيس الجامعة كشخصية توافقية كانت مهمة انتحارية بالنسبة للرجل لكن خبراته القيادية وحنكته الإدارية السابقة حين كان عميداً لشئون الطلاب كانت قد أسعفته كثيراً رغم أن الجو العام للجامعة حينها لا يشجع كثيراً على العمل في ظل الظروف التي ذكرناها سابقاً، وهو ما جعل رئيس الجامعة محط رهان راهن عليه محافظ المحافظة كثيراً في قدرته على التعامل مع الوضع الجامعي في أحلك الظروف. الدكتور الشعيبي المؤتمري، الثوري الأقرب للكل من الكل، كان من ضمن الأكاديميين الذين انضموا إلى ساحة الحرية تعز مؤمنين بالتغيير وضرورته الحتمية وكان لتواجده في ساحة الحرية حضور مهم في عملية التنوير من خلال محاضراته التي كان يلقيها في المركز الإعلامي لساحة الحرية تعز واستشاراته القانونية التي كان يمد بها الجميع كونه رجل قانون وأكاديمي في كلية الحقوق بجامعة تعز. للدكتور الشعيبي علاقاته الواسعة مع كل القوى ومنظمات المجتمع المدني ورجال المال والأعمال وهو ما يجب أن يكون عليه الرجل القيادي والكفء من خلال قدرته على الاستفادة من تلك العلاقات الواسعة لخلق شراكة واسعة مع كل قطاعات المجتمع لدعم الجامعة وانتشالها من الحالة المزرية التي كانت قد وصلت إليها، وهو ما نلمسه اليوم في الجامعة حين نرى استقرار العملية التعليمية في كل كليات ومراكز الجامعة، وبرنامج الإصلاح المالي والإداري الذي تنفذه جامعة تعز اليوم بحاجة إلى المزيد من تضافر الجهود من أجل تجفيف منابع الفساد مع إعطاء أولية لموظفي الجامعة الذين طحنهم الفقر كونهم من أقل موظفي القطاع الحكومي دخلاً لتحسين أوضاعهم والضغط على صانع القرار لإقرار المادة «106» التي طال انتظارها وتمثل حلماً للموظف الجامعي المغلوب على أمره، لكن رئيس الجامعة أقرب ما يكون إلى الموظفين في متابعة أحوالهم ومتابعة إقرار الحافز الشهري وتصحيح الاختلالات ولكن ما نزال بحاجة إلى خطوات حقيقية وتغييرات جذرية تعزز عملية الإصلاح المالي والإداري. في جانب الإصلاحات الأكاديمية والتعليمية هناك خطوات جادة لقيادة الجامعة لتعزيز الإصلاح الأكاديمي ومسار العملية التعليمية من خلال حزمة من التغييرات التي طالت عمداء الكليات والمراكز والمواقع القيادية فيها وكذلك إعادة تقييم الاحتياجات لكل الكليات والمراكز أيضاً والعمل على معالجة ذلك سواء من خلال التغييرات أو من خلال الشراكة المجتمعية لدعم احتياجات العملية التعليمية والتي كانت ثمرتها المحطة الكهربائية المصغرة الجامعية التي تبرعت بها مشكورة مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه وإعادة صيانة القاعات الكبرى التي تبرع بها عدد من رجال الأعمال على حسابهم الشخصي، ووعود بيت هائل سعيد بإعادة تأهيل كلية السعيد للهندسة وتقنية المعلومات في الجامعة وهي الكلية التي بنتها المجموعة سابقاً على نفقتها. في الفترة الماضية عقدت الجامعة ورش عمل في مجال تطوير جودة التعليم بإشراف مجلس الاعتماد الأكاديمي وفقاً للمعايير الأكاديمية المعتمدة دولياً وعقدت اتفاقيات تعاون وتوأمة مع عدد من الجامعات العربية الدولية لتبادل الخبرات والكوادر التدريسية والتبادل الثقافي والطلابي، وكان هناك أيضاً ورش عمل لإنشاء أقسام جديدة وتطوير أقسام أخرى في كليات بما يمكنها من مواكبة سوق العمل وتخريج الكوادر القادرة على تلبية متطلبات السوق والمجتمع، مشاريع عمل نوعية في طريقها إلى الاكتمال كمشروع كلية الطب الذي يتوقع الانتهاء منه في العام القادم ومشروع المستشفى الجامعي بعده أيضاً. جامعة تعز اليوم في ظل الشعيبي ورشة عمل دائمة ومفتوحة واحدة تلو الأخرى لتجاوز الماضي والعقبات ولكن ليس هناك ما يمنع من انتقاد أية جوانب قصور بروح المسئولية والبعد عن كل المناكفات الحزبية والمناطقية والشللية، والذي لا يعمل لا يخطئ ، سنكون عند قدر المسئولية لانتقادها من باب النقد البنّاء الموجه نحو حماية الصالح العام، انطلاقاً من باب الأمانة الصحفية والمهنية ومسئوليتنا تجاه المجتمع، كل التوفيق لقيادة جامعة تعز الأستاذ الدكتور محمد سعيد الشعيبي ومبارك له قرار تعيينه رئيساً للجامعة بشكل رسمي نهاية العام الماضي. غيمات: - للتذكير فقط لرئيس الجامعة: - دار جامعة تعز للطباعة والنشر بحاجة إلى وقفة جادة لإعادة تأهيلها كمؤسسة لها استقلاليتها وعملها داخل وخارج الجامعة وفق آلية تمكنها من رفد موارد وإمكانيات الجامعة. - إنشاء الإدارة العامة للاستثمار بجامعة تعز حسب ما قلته في فترة سابقة بحاجة إلى تفعيل حقيقي. - ما زال هناك بعض التسيب الإداري والإهمال المالي في معالجة قضايا واستحقاقات الموظفين. - كنتم قد دعوتم إلى إجراء انتخابات الاتحادات الطلابية لكن إشرافكم الحقيقي على سير العملية مهم من أجل هيكلة حقيقية و إعداد لائحة لانتخابات حرة ونزيهة للحركة الطلابية حتى لا تتكرر تجربة السنوات السابقة من اتحاد طلابي حزبي دمّر ما بقي من العملية التعليمية. [email protected]