أبارك للجنة التحضيرية لحزب «الأمة» برئاسة محمد أحمد مفتاح إقرار لجنة شؤون الأحزاب صحّة وثائق الحزب وسلامتها واستحقاقه العمل رسمياً كحزب ناشئ بعد عامين من الجهود التأسيسية على أنه الحزب الواعد الذي يستحق الإشادة والتشجيع، فيما يمثّل حالة متقدّمة للزيدية السياسية نحو المشروع الوطني اللائق. والشاهد أنه بدأب مؤسسيه على إعلاء وتفعيل طموحاتهم المدنية والديمقراطية؛ يمكن القول إنه يجسّد معطيات الخطوة الانفتاحية الرائعة في السياسة وتعزيز مسارها؛ فما بالكم واليمن تعيش حالياً في عز العمل المسلّح، فضلاً عن إذكاء المذهبية المغلقة للأسف. كذلك يأتي حزب «الأمة» ليمثّل خطوة معتبرة بالتأكيد في ظل تقهقر الكثير من المشاريع السياسية نحو المربعات المتخلّفة الأولى، ثم إن السياسة تنظم صراعات المجتمع بشكل خلاق وتنافسي وإيجابي وحضاري وتقدّمي بحيث يصير الصراع برامجياً وديمقراطياً ووطنياً وإبداعياً ونهضوياً. وبينما تنطوي السياسة على الفرص الذهبية لتراكم عملية استئصال مخاطر العمل الهمجي غير السياسي الذي أرهق المجتمع ودمّره على مدى عقود؛ يبقى للسياسة تأثيريتها القصوى من أجل العمل على تعزيز احترام قيم التمدُّن في الوعي الجمعي اليمني من منطلقات بناء دولة المواطنة الضرورية لكل اليمنيين. والمعنى أهمية تشبُّثنا بوجوب أن تبقى السياسة أكثر حظوة بدلاً من الرضوخ لسيطرة بدائية الجماعات الاستقوائية بالعنف على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا - تحديداً أهمية استمرار تنميتنا لدلالة تمكّن الفعل السياسي من الدفع بالقيادات المدنية إلى مراكز القرار بدلاً من استلاب مراكز القوى والهيمنة التقليدية على مقدّرات المجتمع - إذ وحدها السياسة كقوى دافعة للتغيرات الموضوعية في اليمن، كما أنها النموذج الفعّال الذي يجب أن نتوافق معه مهما كانت الظروف ولا نستسلم لنماذج ما قبل السياسة على الإطلاق. والشاهد أن مشكلة السياسة في اليمن تكمن في عدم تطوّرها وتراكمها كما ينبغي؛ ما قاد إلى استمرار الدينامية التأثيرية للتخلُّف وللقوة كما هو واضح. وباختصار فإنه بسبب حالة ما دون السياسة؛ ستظل منظومتنا الديمقراطية ضعيفة جداً، وأمراضنا الاجتماعية تتفاقم بالتالي، أعني أنه بسبب حالة ما دون السياسة سيكون المجد للسلاح وللدماء ولمظاهر الرجعية فقط. كذلك بسبب حالة ما دون السياسة سيكون منطق الغلبة لمن يتعالون عن الديمقراطية والتحديث والتنوير طبعاً، أي أنه بسبب حالة ما دون السياسة ستفضي أحلامنا المدنية إلى النكبات والخيبات والحسرات ليس إلا، فيما بسبب حالة ما دون السياسة لن نعرف الزمن اليمني الجديد، الزمن السياسي المأمول والمشرّف والمتجاوز وغير الرث. [email protected]