يجب بعث روح الحزب الاشتراكي كما ينبغي، بعثه ككيان قوي وناشط ومنظم ومؤسسي.. عليه أن يدرك أين يقف بالضبط، ومن هو، وماذا يريد؟.. عليه أعباء وطنية جسيمة، ما يعني ضرورة وقوفه بمسئولية كبرى من أجل وضع حد حيوي لتشظياته الحاصلة حتى يتجاوزها بوعي، ويعيد ترميم كيانه بثقة وتماسك وإبداع، ما لم فإنه سيؤول إلى حافة اللاجدوى، وبالضرورة إلى عدم الفاعلية بين جماهيره وأنصاره، فالزوال السياسي والاجتماعي والثقافي الأكيد. إننا بنظرة عميقة وشفافة سنجد أن الحزب لم يعد ككتلة ملتفة حول مشروع تقدمي وطني جاد، بل إنه صار أشبه بجزر معزولة فقط بلا مشروع.. وتحديداً يمكن القول بلا أي رتوش: إن الحال السيء الذي لم يرضخ خلال السنوات الأخيرة لمراجعات ومناقدات مطلوبة أنتج التالي للأسف: الربع الأول المختطف والمكبل في سياق الإصلاح.. الربع الثاني الذي صار في مهب الحوثي.. الربع الثالث الذي لم يعد له من توجهات إلا في ظل حراك فك الارتباط.. أما الربع الأخير فإنه الأكثر عدداً وهو الأشد تجسيداً وتطلعاً لروح ومشروع الحزب مدنياً ووطنياً ويسارياً، غير أنه الأكثر تغييباً ومحواً وغربة وبدون تنظيم وبلا أثر فاعل بالمحصلة. والشاهد أن الشعب مايزال يعول على الحزب أكثر من أي كيان غيره في الساحة من أجل المستقبل اليمني التطوري الخلاق، وباعتبار أن تضحياته التاريخية تجعله ينطوي - رغم كل شيء- على ضمانة موضوعية لعدم انهيار أحلام الثورة تماماً. لذلك يجب احتشاد الرفاق بمجمل النضج لإعادة بعث روح الحزب كي يكون بفاعلية حقيقية لا وهمية.. بعثه ككيان ينتمي للقضية اليمنية الكبرى، وفي السياق لطالما قدم تضحيات غفيرة من أجل التغيير لا يمكن المزايدة عليها أو تهميشها أو تمييعها أو إفراغها من مضمونها التقدمي على الإطلاق، بينما غايته قيام الدولة الحديثة دون أي تواطؤ أو تلكؤ أو تشويه أو تدجين، دولة الحريات والتنمية والدمقرطة والكرامة واللافساد واللاتخلف والتنوير والحقوق والمواطنة والعدالة الاجتماعية التي لا تقبل صيغ السياسات القائمة على قاعدة «ما بدا بدينا عليه». باختصار: يظل الحزب الاشتراكي هو باعث الأمل الوحيد لإحداث الفارق المرجو في الساحة، وهو الحزب الوطني العريق والأشد مقاومة، ويفترض أن تعاد عملية التثقيف الاشتراكي الحديث إلى الواجهة أيضاً؛ ليكون حزباً اشتراكياً يمنياً، كما ينبغي إعادة صياغة التحالفات على قاعدة علمية بما يعالج كل الاختلالات التي نشبت.. على أنه الحزب الذي عانى أكثر من اللازم من ضربات نظام «صالح» الممنهجة، وظل باسلاً رغم أن أمواله المنهوبة ومقراته لم تعد إليه حتى الآن، فيما كوادره ظلت محاربة وهي البؤرة الأنبل للحلم الأجمل في هذا البلد.. ثم عانى انكساراً وتيهاً مخيفاً تجلى مع فعل الثورة، رغم أن شبابه الأفذاذ هم نواة تفجيرها، وما بينهما صار مثخناً فوق مستوى التصور بالاستلاب والتيئيس والتجيير والكبح المتفاقم لإرادة يسارييه العارمة كذلك. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك