الغريب إن بعض القوى السياسية لم تستفد من دروس الماضي ومن ذلك أن الذين لم يثبتوا على مبادئ محددة ولا يؤمنون إلا بمصالحهم الخاصة ولا يعرفون قدراً للوطن والمواطن ولا يجيدون غير الإثارة والفتنة، وإذكاء نار الحروب وإشعال لهيبها في ربوع اليمن هم أنفسهم الذين كانوا يزيّنون الفتنة وهم أنفسهم الذين يصرّون على التخريب والتدمير، وهم أنفسهم الذين كانوا ينفخون الكير ويصبّون الزيت على النار طوال الأزمة الكارثية التي اجتاحت البلاد، وعقب تجاوز اليمن تلك الفتنة من خلال المبادرة الخليجية والوصول إلى التسوية السياسية القائمة على الشراكة الوطنية وجدنا تلك القوى قد جعلت من نافخي الكير أدواتها لتزيين القبيح وتحسين الفجور دون أن يدرك العقلاء في تلك القوى أن تلك العناصر تقودهم من فشل إلى فشل ومن فجور إلى فجور ولا يمكن أن تحقق الصالح العام. إن المتابع الحصيف والمنصف لأحداث الأزمة السياسية الكارثية سيجد أن أصحاب المصالح الخاصة والذين لا يؤمنون بالثوابت والمبادئ الدينية والوطنية والإنسانية ولا يعرفون مكارم الأخلاق ولا يهمهم وطن ولا يعرفون غير الفجور في القول، لأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة وهم الذين لا يلتزمون بالعهود والمواثيق وليس من صفاتهم غير التقلب وعدم الثبات، هؤلاء هم الذين يزيّنون للناس التشظي وكأنهم يقولون: إن مالم نستطع تنفيذه من خطة تدمير اليمن أثناء الفتنة فإنه لابد أن نصل إليه من خلال التشظي، لأنهم يدركون بأنهم مكلفون من الغير بإنفاذ خطة إزالة اليمن من خارطة العلاقات الدولية. إن التدليل على كارثية تلك العناصر الفاجرة هو الإصرار غير المنطقي وغير الموضوعي وغير العلمي وغير الأمين على استجلاب نماذج غير موضوعية من وجهة نظري دون أن يشير أحدهم إلى المقارنة بين إمكانات وقدرات وموازنات اليمن بإمكانات النماذج المستجلبة التي يتغنّى بها رسل التشظي ولذلك على القوى السياسية أن تكف عن الفوضوية وأن تقف أمام الواقع والخصوصية اليمنية وأن تناقش التقسيم الإداري بأمانة المسئولية الوطنية بعيداً عن الشطحات الانتهازية من أجل الحفاظ على الدولة اليمنية الواحدة القادرة والمقتدرة التي تحفظ اليمن الواحد بعون الله.