لطالما تفاءلت بالرقم «سبعة» ربما لأني من مواليد شهر سبعة، وهذا بحد ذاته يضفي تمييزاً لهذا الشهر. اليوم أنا أكثر تفاؤلاً بالرقم «سبعة» خاصة بعد أن صارت اليمن محمية بالبند السابع من ميثاق الأممالمتحدة والذي قضى بتشكيل لجنة عقوبات تابعة لمجلس الأمن لمراقبة وتسهيل تجميد الأموال ومنع السفر، وتقصّي معلومات حول الأفراد والكيانات المتورّطة في الأعمال المعرقلة للمرحلة الانتقالية أو تهديد أمن واستقرار اليمن.. «في أحلى من كذا.؟!».. لا أعرف لماذا ثار كثيرون حين سمعوا بهذا القرار الذي أعتقد أنه هو المخرج الوحيد من الأزمة الخانقة التي تعيشها اليمن، والتي صارت بلاداً تُدار بالأزمات، فنحن البلد الوحيد على مستوى العالم الذي تتزاحم فيه الأزمات حتى إنها لم تعد تجد مكاناً لكثرة زحامها، فمن أزمة الكهرباء التي لسان حالها يقول: “الأماكن كلها مشتاقة لك...” إلى أزمة الماء الذي لا يأتي إلا وقد أغلقت مواصير المنازل ببيوت العناكب، إلى أزمة البترول والديزل والغاز والأمان والضمير..!!. نحن كشعب ينتمي إلى جنس البشرية نحتاج إلى العيش بكرامة، ونستحق أن توفر لنا أبسط متطلبات الحياة التي صار البشر في بقية بلدان الله يرونها جزءاًَ من خليقتهم ومن وجودهم كبشر. أيهما أفضل أن نعيش تحت البند السابع، أو أن نعيش تحت رحمة المليشيات والجماعات المسلّحة والإرهابية، أو تحت وصاية الأحزاب والمذاهب المتناحرة التي لا ترى فينا سوى كائنات لا حقّ لها في الحياة؛ وأنها فقط خُلقت لتكون كبش فداء، ومعاقاً أبله ومحجوراً عليه تتسوّل به وتتحدّث باسمه وتقرّر بدلاً عنه..!!؟. أيهما أفضل أن نعيش تحت رعاية البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، أم أن نعيش تحت وصاية كلفوت وكعلان وجحران، ومن يدفع لهم مقابل أن يغرقونا في النكد وضيق الحال..؟!. أيهما أفضل الأمان أم الحروب، البناء أم الهدم، المسلم الذي يتلذّذ في الدعس على مصالحنا ووجودنا وحقوقنا وممتلكاتنا ليعيش هو وأسرته ومقربوه، أم الكافر الذي سيحمينا؟. منذ أن وعيت الحياة وأنا مؤمنة إلى حد اليقين أننا بحاجة إلى من يعلّمنا كيف نحترم قُدسية الوطن الحر، كيف نفهم معنى وطن تتنفس فيه الحرية، الحرية نعم هذه المفردة التي يغتصبها الجميع في هذا الوطن تحت مسميات فضفاضة لزجة، الحرية الوجع الذي يتلبسنا جميعاً ونعجز عن وصفها، الكل موجوع في هذا الوطن، ولكنه لا يعرف أنه موجوع حرية. أووووه يا الله تذكّرت الآن حين كنت أعمل معلّمة في إحدى المدارس الخاصة، يومها كنت أشرح لطلابي في الصف الثالث الابتدائي درس «الكلب والذئب»، الكلب المقيّد بسلاسل غالية الثمن وتوفر له تلك الأسرة طعامه وشرابه المفضّل وسكناً نظيفاً ومريحاً، فقط عليه النباح ليشعرهم أن هناك قادماً؛ بينما في الخارج كان ينظر له ذئب جائع؛ لكن ليس ثمة سلاسل تقيّد عنقه وحركته وحريته. يومها قلت لصغاري في الفصل: أيهما أفضل؛ حياة الذئب أم حياة الكلب..؟!. كلهم أخبروني أن حياة الذئب أفضل لأنه حر.. لم تكن إجاباتهم غريبة؛ لأني كنت قد أخبرتهم ضمناً أن الحرية لا تقدّر بثمن- الله يسامحني بس-..!!. الغريب حين رفع أحد تلاميذي الصغار والذي تخونني ذاكرتي عن تذكُّر اسمه، وقال لي: يا أستاذة “الصدق، الصدق حياة الكلب أفضل..!!». قلت له: لماذا أفضل وهو بلا حرية..؟!. أجاب: يا أستاذة.. الله يحفظش ما عد أفعل بالحرية وأنا جاوع..؟!. منطقي جداً.. ربما نحن نحتاج إلى حرية يقيّدها حب وسلامة وأمن وتنمية وسكينة الوطن.. للأمانة نحن قد هرمنا.. ضبحنا.. طفحنا.. ضقنا.. قرفنا.. غلبنا.. اكتئبنا..كربنا. أنحني إجلالاً للبند السابع.. وأقول له: «حيّااااااا ملان الدنيا وجعلّه مكسر اللي بيعااارضك». أقول قولي هذا ولا جاكم شر..