إن إدراك فن الممكن في الفكر السياسي اليمني يحتاج إلى معرفة كاملة يسيكيولوجية المجتمع السياسي الذي استعصى على القوى الشريرة الراغبة في فرد عضلاتها من خلال محاولة شق الصف اليمني عبر التاريخ ولأن القوى الاستعمارية سابقاً لم تستطع فرض الهيمنة المباشرة على إنسان اليمن فقد لجأت إلى فن الممكن الأمر الذي جعل العالم يدرك أن اليمن عصية المواجهة المباشرة وأن اليمنيين أكثر بأساً وأشد قوة عبر أزمان التاريخ المختلفة ولم يصلوا إلى هذه النتيجة من خلال قراءتهم للمشهد السياسي المتباعد وإنما من خلال التاريخ الذي يبرهن للعالم أن إنسان اليمن لا يقبل بغير العزة والكرامة وكلما تكالبت عليه القوى الطامحة كلما ازداد تلاحماً وطنياً وترك الخلافات الداخلية جانباً وهبّ لنداء القدسية والكرامة، الأمر الذي جعل العالم يتعامل مع اليمن من خلال سياسة فن الممكن الذي لا يمكن تجاوزه ولو حدث التجاوز لظهرت قوة وبأس اليمني الحر. إن على القوى السياسية التي لم تجرب الحياة السياسية ولا تمتلك الخبرة العملية أن تقرأ التاريخ وأن تجعل منه مدرستها لمعرفة عظمة الامبراطوريات اليمنية المعينية والسبئية والحميرية وقوة إنسان اليمن وبأسه الذي لم يكن أمام الامبراطوريات المنافسة إلا في وحدة الدولة وقوة الولاء لله ثم للوطن الواحد والموحد ووحدة مكوناتها الجغرافية وعليها أن تكف عن إزالة معالم التاريخ وإنجازات الوطن، لأن الاستمرار على هذا الاسلوب لا يولد التلاحم الوطني بقدرما يولد التنافر والتناحر الذي يخدم أعداء الوحدة اليمنية ويحقق لهم القدر الممكن من سياسة فن الممكن. إن المطلوب من القوى السياسية اليمنية أن تجيد فن الممكن في الفكر السياسي وتمضي قدماً صوب تحقيق الممكن الذي يعزز بناء الدولة بدلاً من السطو على التاريخ ومحو آثار الإنجاز أياً كان، لأن محاولة طمس إنجازات الآخرين سُنة سيئة تجعل اللاحق يمحو أثر السابق وهو ما يحقق فن الممكن الخارجي الذي يتربص الدوائر باليمن، فهل تدرك القوى السياسية بأنها مطالبة بإنجاز جديد وتكف عن الاستفزاز ومحاولة طمس معالم التاريخ، وهل تدرك بأنها مطالبة بترك بصمات يذكرها التاريخ ويخلد اسمها؟ أم المهمة عند البعض هي الانتقام فقط؟ نرجو إدراك الصواب والعمل به من أجل وطن معافى من كيد الحاقدين بإذن الله.