الدول ذات السيادة المطلقة هي وحدها التي تصنع التاريخ المجيد وتضيف شيئاً جديداً في صفحة الألق الحضاري الانساني, لأنها تمتلك إرادتها وقرارها وقادرة على حماية كيانها وتعزيز عناصر قوتها القومية أسّ البناء الحضاري وبوابة التفوق والاقتدار وجسر الوصول إلى مصاف الحياة الكريمة المبنية على قوة القول وعظمة الفعل, وقد أدرك كل ذلك أجدادنا الأوائل ولاحظوا أن فترات التمزق والشتات في تاريخ الدويلات اليمنية لم تضف إلى التاريخ غير الدمار والانكسار والنيل الخارجي من السيادة الوطنية, حيث عرّضت الوطن اليمني الكبير إلى انكسار كبريائه وتدنيس كرامة أرضه وإذلال إنسان اليمن الحر الأبي, وقد قرأنا الصفحات السوداء التي تسببت في تمزيق اليمن وعرفنا أن سبب ذلك هو الانشطار والانقسام وعدم الوحدة والوقوف عند الصراعات العنصرية. ثم إننا اليوم مطالبون بقراءة التاريخ أكثر من أي وقت مضى لندرك من جديد أن القوة والعزة والكرامة والمجد والألق اليماني الذي عرفه تاريخ الإنسانية لم يكن إلا في الامبراطوريات اليمنية الثلاث، المعينية والسبئية والحميرية, ومابين تلك الامبراطوريات الثلاث والدولة اليمنية الرابعة التي ولدت في 22 مايو 1990م كان ضياعاً وبؤساً وتفرقاً وتمزقاً ولم تشهد تلك الفترات إلا بعض الإشراقات المتقطعة, ولذلك فإن فجر الثاني والعشرين من مايو 1990م هو الانطلاقة الحقيقية لاستعادة العزة والكرامة والألق اليماني, ومن أجل ذلك ينبغي الحفاظ على ذلك الإنجاز الذي يستمد قوته من الإرادة الإلهية التي لاغالب لها. إن الدعوات المذهبية التي تستخدم الدين وسيلة لغاية سياسية قائمة على الذاتية والأنانية والفردية لايمكن أن يُكتب لها النجاح, والنجاح الحقيقي لن يكون إلا لمن أدرك أهمية الحفاظ على قوة الدولة وسيادتها المطلقة على كل المكونات الجغرافية والبشرية لليمن الواحد والموحد, ومن يستمد قوته من الإرادة الشعبية التي تستمد قوتها من الله الذي أمر بالاعتصام بحبله المتين, ومن ينطلق من قدسية التراب اليمني ولايرضى بالتبعية لأية قوى أجنبية, أما من كان مجرد أداة تسيّر من خارج الأرض الطيبة التي حفظها الخالق جل شأنه فإنه لن ينال سوى الخسران, ومادمنا أمام مرحلة بناء الدستور فإن علينا أن نحصن الوطن من التبعية الخارجية وأن نوجد النصوص الدستورية القاطعة التي تجرّم التبعية للغير مهما كانت, لأن المطلوب بناء دولة القوة والسيادة التي تفرض نفسها وتصون كرامة إنسان اليمن وتعلي مكانته أمام العالم بإذن الله.