بإيعاز من الإدارة الأمريكية وأجهزتها الاستخباراتية، وتحشيد من قبل بعض الأنظمة العربية، تدفق الآلاف ممن سموا بالمجاهدين العرب إلى أفغانستان بدوافع تحريرها من الاحتلال السوفيتي كما تردد حينها، ولسنوات ظلوا يرددون على مسامعنا أخبار معارك خرافية وما ارتبط بها من «المعجزات» مثل إسقاط الطائرات الحربية برميها بالحصى، وعن الروائح الزكية القادمة من مقابر المجاهدين، لم يقتصر دورهم عند هذا المستوى من الجهاد، بل تعداه إلى جهاد من نوع مختلف، إذ قال لي أحدهم: إن الواحد منهم كان يتزوج بأربع من النساء، وبين فترة وأخرى يقوم بتطليق بعضهن والارتباط بأخريات، مع الاحتفاظ في كل مرة بمبدأ «رباعاً» بعد استهلاك أرواحهم وطاقاتهم في الصراع الدولي بين الأمريكان والسوفييت عاد معظم هؤلاء إلى اليمن بترحيب من النظام السابق بدافع توظيفهم في صراعاته المسلحة بدءاً من 94م وحتى اللحظة. تلا ذلك إعلان الجهاد في كلٍّ من البوسنة والشيشان، وتدفق المجاهدين إلى كلا الدولتين، وكان بادياً حجم الاهتمام الذي حظيت به النساء البوسنيات، حيث استقبلن في الدول العربية على نفقة الجمعيات الخيرية الإسلامية، والتنظير الديني بوجوب الزواج منهن. أما الجهاد في سوريا – بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع نظام الأسد – فما زال قائماً وقد كانت لغة الجنس - وما زالت - حاضرة بقوة ووضوح من خلال ما سمعنا عن «نكاح الجهاد» والدفع للزواج من اللاجئات السوريات وتدفق عجائز التخمة إلى المخيمات، تحركهم غرائزهم الحيوانية ومقولة أبو هريرة «من لم يتزوج بشامية فقد مات أعزب». استعدت جملة ما سبق، وأنا أقرأ قبل أيام دعوات مشابهة على شبكات التواصل الاجتماعي للجهاد في «القرم» الأوكرانية بدعوى تعرض المسلمين للقتل ومساجدهم للهدم. ولا ندري من أين استقوا مثل هذه الأخبار، فالأزمة هناك لا تتجاوز الخلاف السياسي بين كل من روسيا وأوكرانيا والذي ترتب على عزل الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا؟ وقيام روسيا بالمقابل بالتدخل في شبه جزيرة القرم ذات الغالبية السكانية المنحدرة من القومية الروسية ومن ضمنهم الأقلية الإسلامية، دون تعرض المسلمين لأي أذى، أما القتل وهدم المساجد فلن نشاهده سوى في سوريا وشمال اليمن والعراق. اللافت للنظر هو أننا لم نسمع عن مثل هذه الدعوات حين تعرض مسلمو الرهونجا للقتل الجماعي وإحراق قراهم ومن ثم تهجيرهم إلى الهند المجاورة. دعونا لا نذهب بعيداً فالصومال على سبيل المثال تعيش حرباً أهلية منذ 25 عاماً، أحد أطرافها جماعة الشباب المؤمن المتشددة، مع ذلك لم نقرأ عن أي حشد للجهاد هناك، كما أن النساء الصوماليات في مخيمات دون أدنى اهتمام بظروف حياتهم، كما أن بعضهن يتعرضن للغرق أثناء محاولاتهم الهروب للدول المجاورة، ومن ينجو منهن في الوصول إلى الشواطئ اليمنية يعشن في أحواش المهربين مع التعرض للاغتصاب اليومي دون أن يلتفت لوضعهن أحد. السؤال: هل لجمال النساء في بعض الدول التي تشهد صراعات داخلية علاقة باهتمامات الجماعات الجهادية؟ وهو الأمر الذي لم يتوفر ل«مكالف» الصومال ومسلمي الرهونجا في ميانمار.