العنوان الأبرز لموازنة الدولة للعام 2014م، هو التقشف وتطبيق مبدأ الميزانية لمحاصرة العجز الحاصل المتمثّل من خلال الفجوة القائمة بين موارد الدولة ونفقاتها لمجمل مرافق الدولة لاسيما المؤسسات الحكومية التي تقدّم خدمة وليس الهدف من نشاطها تحقيق الربحية. وتبيّن لدى الكثيرين أنها موازنة تقشّفية لا تحمل جديداً رغم ضخامتها مقارنة بالموازنات السابقة كونها لم تقدّم حلولاً لمعالجة مشكلة البطالة أو رفع مستوى المعيشة. وأمام هذا الواقع المالي وغياب الإرادة السياسية الجدّية للقيام بإصلاحات مالية لزيادة الموارد العامة وتطويرها سنوياً في مجمل مؤسسات الدولة، فالإنفاق العام المتزايد بسبب زيادة تدخُّل الدولة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وبسبب العجز الحاصل الذي يفوق الحدود الآمنة؛ أصبحت الحكومة تلجأ غالباً لتمويل العجز الحاصل من خلال الاقتراض من المصادر الداخلية كالبنوك التجارية وغيرها عبر ما يسمّى «أذون الخزانة» كي تتمكّن من سداد الالتزامات القائمة عليها مثل المرتبات والأجور لاسيما أن هذا النوع من الاقتراض أخف ضرراً فيما لو تم اللجوء إلى الاقتراض الخارجي. إلا أنه من المعيب لهذا النوع من الاقتراض متمثّل بعزوف البنوك التجارية عن الاستثمارات في المجالات التي تحقّق تنمية واللجوء إلى الاستثمار في أذون الخزانة كونه مضموناً والمخاطر تكاد تكون معدومة؛ وبالتالي تصبح أذون الخزانة على ما يبدو عائقاً للتنمية. وعليه فلابد من قيام الدولة بتحقيق توازن بين النفقات والموارد من خلال عدة وسائل أهمها إصلاح الوعاء الضريبي الذي أعتقد أنه يفتقد إلى العدالة والمواءمة. مشروع موازنة العام 2014م الذى سبق أن عُرض على مجلس النواب لمراجعته وإقراره؛ كان الهدف منه الإقرار فقط كونه أصبح حتمياً، وبالتمعُّن في حجم الإنفاق العام المتزايد من خلال بنود الموازنة التي تم اختزالها بتوازنات شكلية ودفترية تسعى من خلالها الحكومة بدرجة أساسية إلى تقليص العجز وعدم ارتفاع حجم الدين الخارجي بعد أن كان الغرض من زيادة الموازنة خلق تنمية مستدامة على جميع المستويات. يبدو جلياً أن الفجوة المالية تتسع إلى ما لا نهاية، وأصبحنا بحاجة إلى جهاز إنذار مبكّر قبل أن تمتد النار إلى الخشب.