ثمة ثروة حقيقية يمتلكها الإنسان اليمني ويجب أن يحافظ عليها وألا يفرط فيها مهما كان الثمن، تلك هي كرامته وعزة نفسه وأنفته التي جعلته في حالة تمرد دائم على الظلم والتعسف، سواء في وطنه أو في المهاجر التي تتوزّعه. لذلك كان لزاماً على لجنة إعداد الدستور لليمن الجديد أن تأخذ بعين الاعتبار تلك الأبعاد النفسية والاجتماعية والحضارية والقيمية التي تختزلها الشخصية اليمنية، وفي مقدمة كل ذلك كرامته الذاتية والتاريخية والحضارية. حماية كرامة الإنسان اليمني من سطوة المتنفذين والحالمين الباحثين عن السلطة ولو على حساب كل القيم والمعتقدات واجب وطني وديني وأخلاقي وإنساني؛ بل هو أول الأهداف وأقدسها، سواء من أعدائه المتربصين به الجهل والفقر والفساد والعبث واللا مبالاة، أو من المتربّصين بأرضه وجغرافيته وتاريخه وثروته وحضارته، أو من المجاهدين الجدد الذين حوّلوا الدين إلى آلة قتل ودمار، أو من صراع الإخوة الأعداء الذي ينتقل من قرية إلى قرية في شمال الشمال، أو الحاملين للسلاح نيابة عن محاور الصراع الإقليمي والدولي في الساحة اليمنية. اليمني المغترب في المهجر يعاني الأمرين، ظلم الإخوة في الدين والعروبة الذين استحدثوا نظام الكفيل في سبيل استعباد البشر في القرن الخامس عشر الهجري وإذلالهم بلقمة عيشهم إرضاءً للدهماء من مواطنيهم الذين وجدوا في نظام الكفيل فرصة للكسب السريع بدون تعب أو بذل مجهود، لأن دولته سمحت له باستقدام عشرات البشر الهاربين من الفقر والحاجة وفساد الحكّام وناهبي الثروات لاسترقاقهم واستعبادهم وأكل مكاسب عرقهم بدون وجه حق. مثلما يعاني من ظلم دولته التي لم تقم بواجبها لتحافظ على كرامته وماء وجهه، تركته فريسة سهلة وضعيفة للمرتزقة في الداخل والاسترقاق المتعسف في الخارج، لم تقم بحمايته في وطنه من المتنفذين والمرتزقة وتجّار الحروب، ولم تحاول حمايته من تعسف وظلم الأنظمة في الخارج التي تستفرغ غيضها المبطن وصراعات الداخل في مجاميع المغتربين الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بالله. حماية كرامة الإنسان اليمني دستورياً في الداخل والخارج مسئولية وطنية ويجب العمل على استفراغ الجهد في استحداث المواد الدستورية والقوانين العملية النافذة والرفيعة المستوى لتشكيل حماية دستورية وقانونية فعلية لكرامة وإنسانية الإنسان اليمني وعدم المساومة عليها أو التفريط بها مهما كان الأمر ومع من كان. كرامة الإنسان اليمني ثروته ووطنه الساكن في عقله وضميره ووجدانه على الدولة والمجتمع بكلّ مكوناته المحافظة عليها وحمايتها والمراهنة على قدسيتها وعدم التفريط فيها لأيّ سبب من الأسباب في الداخل أو الخارج على السواء، لأنها عنوان لكرامة وطن وشعب. [email protected]
